الجيش السوداني يستعين بمرتزقة من تيغراي واثيوبيا تحذر

هيئة التحرير10 أغسطس 2025آخر تحديث :
الجيش السوداني يستعين بمرتزقة من تيغراي واثيوبيا تحذر

منسوب التوتر يتصاعد في منطقة القرن الافريقي وسط مخاوف جدية من أي تصعيد قد يجر المنطقة إلى صراع إقليمي.

استعانة البرهان بمتمردي تيغراي في قتال الدعم السريع تنذر بتوسيع الصراع اقليميا

 ابي أحمد يوجه رسالة تحذير للبرهان من دعم متمردي تيغراي و الإدارة المؤقتة لإقليم تيغراي تنفي أي مشاركة لها في القتال بالسودان

عمد البرهان في خطوة مثيرة للجدل إلى منح الجنسية السودانية وحقوق الإقامة لأعضاء جبهة تحرير شعب تيغراي

أديس أبابا / النهار

ذكرت مصادر إعلامية أثيوبية أن أديس أبابا وجهت رسالة مباشرة لرئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان تحذره فيها من تقديم أي دعم لجبهة تيغراي القومية المتمردة أو للجيش الاريتري في جال اندلاع أي مواجهات عسكرية في شرق اثيوبيا، في تحذير يأتي وسط تقارير عن استعانة الجيش السوداني بمرتزقة من متمردي تيغراي في قتال قوات الدعم السريع.

وقال موقع “ذي ريبورتر” المحلي الإثيوبي نقلا عن مصادر قال إنها مطلعة، سلم وفد اثيوبي رفيع المستوى يقوده رضوان حسين مدير المخابرات الإثيوبية وغيتاشو رضا مستشار رئيس الوزراء لشؤون شرق إفريقيا، البرهان في بورتسودان رسالة رسمية من رئيس الوزراء آبي أحمد، تطالب فيها سلطة الأمر الواقع في السودان بالتزام الحياد التام وعدم السماح باستخدام منطقة الفشقة كقاعدة لوجستية لأي طرف من أطراف الصراع.

وفي الوقت الذي حذر فيه متابعون لشؤون المنطقة، من انزلاق التوترات المتناثرة إلى صراع أوسع نطاقا، لم يبد البرهان أي تجاوب مع المطالب الاثيوبية ولم يقدم أي تطمينات للدولة الجارة التي سبق ودخلت في خلافات شديدة مع الخرطوم.

وارتفع منسوب التوتر في منطقة القرن الافريقي وسط مخاوف جدية من أي تصعيد قد يجر المنطقة إلى صراع إقليمي خاصة وأن السودان يلعب دورا محوريا بسبب وضعه الداخلي وكذلك لموقعه الجغرافي على حدود التماس مع إريتريا وإقليم تيغراي.

وحذر مراقبون من اعتماد الجيش السوداني على قوة وازنة من متمردي تيغراي في مواجهة قوات الدعم السريع التي سبق واتهمت البرهان بالاعتماد على متمردي تلك القومية التي هي في خلاف أيضا مع الحكومة المركزية في اثيوبيا. وتعتبر أديس أبابا هذه التطورات خطرا يهدد أمنها القومي.

والخلاف الحالي الناشئ على خلفية دعم الجيش السوداني لمتمردي تيغراي أو الاستعانة بالمئات من مقاتلي الإقليم الاثيوبي، تعود جذوره إلى سنوات خلت منذ عزز البرهان في العام 2020 وجود قواته عسكريا في منطقة “الفشقة” المتنازع عليها، وهي أرض زراعية خصبة يدّعي السودان تبعيتها له بموجب معاهدة 1902، فيما يستوطنها مزارعون إثيوبيون بدعم غير مباشر من حكومتهم.

وعمد البرهان في خطوة مثيرة للجدل إلى منح الجنسية السودانية وحقوق الإقامة لأعضاء جبهة تحرير شعب تيغراي، في تصرف اعتبره محللون تعبيدا للطريق لاستخدام متمردي تيغراي في جبهات القتال في الخرطوم ودارفور وكردفان، وذلك بسبب حالة الاستنزاف والانهاك التي تعرض لها الجيش السوداني في الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023.

واتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بالاستعانة بمقاتلين من جبهة تحرير تيغراي خلال الصراع الدائر بينهما. وقالت إن ضابطاً في الجيش السوداني اعترف بمشاركة مرتزقة من قومية تيغراي الإثيوبية في القتال إلى جانب الجيش وأنهم يمثلون قوة رئيسية يعتمد عليها الجيش.

ونفى رئيس الإدارة المؤقتة في إقليم تيغراي بإثيوبيا، غيتاتشو رضا، هذه الادعاءات، ووصفها بأنها “لا أساس لها من الصحة”، موضحا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حزب سياسي وليس لديها جناح مسلح، وأن شعب تيغراي ليس لديه سبب للتدخل في الحرب الأهلية في السودان.

وتشير بعض التقارير إلى أن الجيش السوداني كان قد دعم في السابق متمردي تيغراي ضد الحكومة الإثيوبية، وشمل هذا الدعم التسليح والتدريب.

وفي عام 2021، اتهمت إثيوبيا الجيش السوداني بدعم جبهة تحرير تيغراي، لكن الجيش السوداني نفى هذه الاتهامات واعتبرها محاولة لزج السودان في الصراعات الداخلية لإثيوبيا.

وينبش متطوعو الهلال الأحمر السوداني قبورا عشوائية في حي الأزهري بجنوب الخرطوم، حفرتها عائلات لدفن أقاربها الذين قضوا خلال الحرب بينما كانت المعارك والقصف الجوي تحول دون مواراتها الثرى في المدافن الرسمية.

وبعدما دفنوا على عجل في باحات المنازل والمدارس والساحات العامة، أتيحت للعديد من العائلات أخيرا إقامة مراسم وداع لائقة لنحو ألفين من أفرادها لقوا حتفهم خلال الحرب المتواصلة منذ أبريل/نيسان 2023.

واستفادت العائلات ومتطوعو الهلال الأحمر من الهدوء الذي باتت الخرطوم تنعم به نسبيا لإخراج رفات الضحايا من المقابر العشوائية ونقلها.

في حي الأزهري، يحمل متطوعون ارتدوا بزات بيضاء وقفازات حمراء ووضعوا أقنعة واقية، رفوشا لإزالة طبقات التراب عن رفات دفنت كيفما اتفق. ويرفع هؤلاء الجثث بعناية، قبل وضعها في أكياس جثث تحمل بطاقات تعريف، ووضعها في شاحنات صغيرة ستحملها إلى مقبرة الأندلس على بعد نحو 10 كلم.

أما الجثث التي لم يتعرف عليها أحد، فيقوم المتطوعون بتمييزها بملصقات مختلفة والاحتفاظ ببياناتها.

ويقول هشام زين العابدين، رئيس قطاع الطب الشرعي في الخرطوم، إن فريقه عثر على 307 قبور عشوائية في حي الأزهري كانت موجودة أمام البيوت وفي المساجد والمدارس، مشيرا الى أن ذوي القتلى لم يتمكنوا من دفنهم على نحو لائق أو إقامة جنازات في ظل المعارك بين طرفي الحرب.

وفي مساحة ترابية واسعة نبت العشب الأخضر في بعض أرجائها، تراقب جواهر آدم متطوعي الهلال الأحمر ترافقهم جرافتين، وهم يعملون على نبش قبر يضم رفات ابنتها التي قتلت جراء المعارك. وتقول والدموع تنهمر من عينيها “كان عمرها 12 عاما”.

وتشير إلى أن ابنتها كانت خارج المنزل لشراء حذاء جديد حين قتلت جراء قصف لم تحدد مصدره، مضيفة “لم نجد مكانا لدفنها، فدفناها في الحي”.

وتختبر آدم للمرة الثانية مشاعر دفن ابنتها ولكن هذه المرة بكرامة، مضيفة أن “الأمر مؤلم ولكن إكرام الميت دفنه”.

وأسفرت الحرب التي اندلعت بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف من السودانيين.

وفي حين أشار المبعوث الأميركي السابق توم بيرييلو الى أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص قتلوا خلال العام الأول من المعارك، يبقى تحديد حصيلة دقيقة شبه مستحيل. ووقعت العديد من المعارك الدامية في أحياء مكتظة بالسكان، في غياب بنى تحتية صحية أو مشافٍ لمعالجة الجرحى أو إجراء تعداد دقيق للجثث.

وبحسب كلية لندن للصحة العامة والطب الاستوائي، سجلت الوفيات في الخرطوم خلال الأشهر الـ14 الأولى من الحرب زيادة نسبتها 50 في المئة. وأحصت الكلية 61 ألف وفاة خلال تلك الفترة، بينهم 26 ألفا بسبب أعمال العنف.

وحين دفن السودانيون أقاربهم في المقبرة وسط حي الأزهري، وضعت مكان كل جثة قطعة خشبية أو شاهد قبر مؤقت أو أحجار نقشت عليها أسماؤهم.

وانتشل الهلال الأحمر الى الآن نحو ألفي جثة في الخرطوم، وهو يقدّر أن المقابر العشوائية المنتشرة في العاصمة تضم ما لا يقل عن 10 آلاف رفات.

وبينما تتابع العديد من الأمهات بحزن وعيون دامعة، نقل رفات أقاربهن من المقبرة العشوائية في حي الأزهري، لا تزال آلاف غيرهن يجهلن مصير أبنائهن.

وخلال العام الماضي، أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ثمانية آلاف مفقود في السودان، مشددة على أن ذلك يبقى “الجزء الظاهر من جبل الجليد، من إجمالي حالات المفقودين”.

وقبل الحرب، كان يسكن الخرطوم نحو تسعة ملايين نسمة، نزح منهم ثلاثة ملايين ونصف مليون على الأقل جراء المعارك، وفقا لأرقام الأمم المتحدة التي تتوقع عودة مليوني شخص إلى الخرطوم قبل نهاية العام الجاري.

إلا أن ذلك يتوقف على استقرار الوضع الأمني وعودة البنى التحتية للعمل، إذ ما زالت معظم مناطق العاصمة بلا كهرباء أومياه نظيفة بينما تحولت، المدارس والمستشفيات إلى حطام.

وبعد انتشال الجثث من حي الأزهري، سيتمكن المسؤولون المحليون من المضي في مشروع بناء المدرسة التي كان مقررا إنشاؤها في تلك الساحة، بحسب يوسف محمد الأمين، المدير التنفيذي لمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم الذي قال “إن شاء الله ناس الحي سينشئون فيه مدارس لتعليم أبنائهم… الرفات التي كانت موجودة في الميدان كانت تعيق بناء المدرسة”.

ونفت الإمارات صحة الإدعاءات التي روجتها حكومة بورتسودان بأن القوات السودانية دمرت طائرة إماراتية كانت تقل مرتزقة كولومبيين في جنوب دارفور، فيما دعا مسؤول إماراتي الخرطوم إلى تقديم أدلة على ذلك وهو أمر مستحيل، بالنظر إلى أن فريق قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان دأب على إطلاق مثل هذه المزاعم دون أي حجج.

وقال المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه إن “هذه الادعاءات الباطلة التي تروجّها ما تسمّى سلطة بورتسودان زائفة تماما، وتفتقر إلى أدلة، وهي استمرار لحملة تضليل وتحريف ممنهجة”.

ولم تكن الحكومة السودانية لتتأخر في نشر الأدلة التي تثبت صحة اتهاماتها في حال توفرت، ما يقيم الدليل على زيف ادعاءاتها التي تأتي في إطار حملة التضليل والضجيج الإعلامي بهدف التشويش على الجهود التي تبذلها الإمارات لإنهاء الصراع في السودان والتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان دعت الإمارات الجيش وقوات الدعم السريع إلى إنهاء الصراع دون شروط مسبقة، والانخراط الجاد في مفاوضات سلام شاملة، معتمدة على دبلوماسية هادئة تسعى إلى تصفير المشاكل وتهدئة التوترات.

وليست المرة الأولى التي يكيل فيها فريق البرهان الاتهامات جزافا إلى الإمارات حيث اتهمها في وقت سابق بتقديم دعم عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع، بما في ذلك تزويدها بأسلحة متطورة وتسهيل نقل مرتزقة أجانب، خاصة من كولومبيا، للقتال إلى جانب هذه القوات.

ورفضت محكمة العدل الدولية في مايو/أيار دعوى رفعها السودان ضد أبوظبي بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية ودعم قوات الدعم السريع في الحرب، ما أدى إلى إرباك الحكومة السودانية وكشف زيف ادعاءاتها أمام أنظار العالم.

وأكدت الإمارات مرارا أن الجيش السوداني يحاول من خلال إطلاق هذه الاتهامات صرف انتباه المجتمع الدولي عن “الفظائع” التي يرتكبها في السودان، ومحاولة لتبرير تعثر مسار السلام.

وسبق أن أعلنت الخرطوم قطع علاقاتها مع أبوظبي، فيما أكدت الدولة الخليجية الثرية عدم اعترافها بهذا القرار مؤكدة أن “سلطة بورتسودان” لا تمثل الحكومة الشرعية كما شددت على أن الجالية السودانية في الإمارات لن تتأثر بالقرارات الأخيرة.

وأفاد التلفزيون الرسمي السوداني ليل الأربعاء بأن سلاح الجو في الجيش دمّر “طائرة إماراتية تحمل مرتزقة كولومبيين” أثناء هبوطها في مطار نيالا الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع ما أسفر عن سقوط 40 قتيلا على الأقلّ.

وقال مصدر عسكري، طالبا عدم كشف هويته، إن الطائرة العسكرية الإماراتية “تعرضت للقصف ودُمّرت بالكامل” في مطار نيالا بدارفور، الذي شهد مؤخرا غارات جوية متكررة للجيش السوداني في خضمّ حربه المستمرة ضدّ قوات الدعم السريع منذ نيسان/أبريل 2023.

وأضاف المسؤول الإماراتي “من اللافت أن تصدر هذه الادعاءات عن أحد طرفي النزاع”، متابعا في إشارة إلى الجيش السوداني أنه “طرف منخرط مباشرة في الأعمال العدائية، ويملك كل الدوافع لتوجيه السردية بما يخدم مصالحه ومحاولة تقويض مسار السلام والتهرّب من مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإنسانية لإنهاء هذه الحرب الأهلية الكارثية”.

وكانت القوات المشتركة، وهي تحالف مسلح في دارفور موال للجيش، أفادت الأسبوع الحالي بوجود أكثر من 80 من المرتزقة الكولومبيين يقاتلون إلى جانب الدعم السريع في مدينة الفاشر، آخر عواصم ولايات دافور التي لا يزال الجيش يسيطر عليها.

عاجل !!