تتصاعد التطورات في السودان منذ أن استولت هذه على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور
البرهان : سنمضي بقوة وعزيمة وإصرار لتحقيق النصر قريبا على المليشيا المتمردة والقضاء عليها
المبادرة الأميركية – المصرية كانت تهدف إلى كسر الجمود السياسي الذي يهيمن على الملف السوداني منذ أكثر من عام ونصف
أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على الانضمام إلى الهدنة الإنسانية التي اقترحتها دول الرباعية التي تضم امريكا والسعودية ومصر والإمارات
الخرطوم / النهار
أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق اول عبدالفتاح البرهان عزمه القضاء على “قوات الدعم السريع” متعهدا بالثأر في تصريح يتناقض مع مواقفه السابقة بشأن القبول بمبدأ التفاوض لإنهاء الأزمة، ما يشير لإصراره على الحسم العسكري وما سيعنيه ذلك من استمرار الصراع وتداعياته على الشعب السوداني بعد رفض مبادرات لوقف إطلاق النار عبر آليات الرباعية الدولية، بينما أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على هدنة إنسانية. وهي ليست المرة الأولى التي تتجاوب فيها مع مبادرة لوقف الحرب، مؤكدة استعدادها التام لطي صفحة الأزمة.
وتتصاعد التطورات في السودان منذ أن استولت هذه القوات في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور (جنوب غرب).
وتحدث البرهان، وهو أيضا قائد الجيش، أمام القيادة الجوالة (قيادة عسكرية) بحسب بيان لمجلس السيادة قائلا “سنمضي بقوة وعزيمة وإصرار لتحقيق النصر قريبا على المليشيا المتمردة والقضاء عليها” في إشارة الى الدعم السريع.
وأضاف أن “الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار (لم يسمها) ضد السودان ستنكسر، وسينتصر الشعب السوداني” متعهدا “بالثأر لكل الشهداء الذين قدموا أرواحهم”. ويلاحظ استخدام البرهان لعبارات ومفردات يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وعدد من وكلائه في وصف الولايات المتحدة.
وتابع “وسنثأر للذين قتلوا وتم التنكيل بهم في (مدن) الفاشر والجنينة والجزيرة، وغيرها من المدن والمناطق التي دنستها المليشيا” ما يشير لإصراره على الحسم العسكري والتصعيد.
وأشاد البرهان بما وصفها “التضحيات” التي تبذلها القوات المسلحة والقوات المشتركة (حركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام) “في سبيل تحرير البلاد من دنس التمرد والقضاء على المليشيا” مجددا التأكيد على “دحر المليشيا المتمردة وتأمين حدود الدولة السودانية” .
وتأتي هذه التصريحات بعد معطيات نقلتها مصادر دبلوماسية مطلعة أن البرهان رفض مبادرة مشتركة من الولايات المتحدة ومصر لعقد لقاء مباشر مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كان من المفترض أن يجري على هامش افتتاح المتحف المصري الكبير في القاهرة، بحضور عدد من قادة العالم.
وأكدت المصادر أن المبادرة الأميركية – المصرية كانت تهدف إلى كسر الجمود السياسي الذي يهيمن على الملف السوداني منذ أكثر من عام ونصف، وفتح نافذة حوار جديدة برعاية دولية، تمهيدا لوقف شامل لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة بمشاركة الأطراف المدنية.
وكان البرهان عبر الشهر الماضي عن قبوله مبدأ التفاوض لانهاء الازمة السودانية لكن وزارة الخارجية السودانية افدت بعد ذلك أن مفتاح الحل لا يوجد في الخارج، بل يجب أن ينبع من الإرادة الوطنية الخالصة ما أشار الى موقف المتصلب من الحكومة إلى رفض مساعي الهدنة والتفاوض والإصرار على الحسم العسكري.
وأعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على “الانضمام إلى الهدنة الإنسانية” التي اقترحتها دول “الرباعية” التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
وقالت في بيان “استجابةً لتطلعات الشعب السوداني ومصالحه، تؤكد الدعم السريع موافقتها على الانضمام إلى الهدنة الإنسانية التي اقترحتها دول الرباعية، لمعالجة الآثار الإنسانية الكارثية للحرب، وتعزيز حماية المدنيين، من خلال استكمال بنود اتفاق الهدنة الإنسانية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع السودانيين”.
وفي أبريل/نيسان 2023 اندلعت الحرب بين الجيش و”قوات الدعم السريع”؛ بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، ما تسبب بمجاعة ضمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، ومقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر “قوات الدعم السريع” حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربًا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، لا تزال تحت سيطرة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.
ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة السودان، غير أن غالبية السودانيين البالغ عددهم 50 مليونا يسكنون في مناطق سيطرة الجيش.
وأعربت الإمارات “عن إدانتها الشديدة واستنكارها العميق للانتهاكات الإنسانية والجرائم المروعة” التي ارتكبت بحق المدنيين في السودان بما فيها مدينة الفاشر غربي البلاد وذلك وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجية نشرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” حيث تطالب ابوظبي بضرورة دعم الحلول السلمية لإنهاء الازمة السودانية بعيدا عن القتل والعنف وبهدف الحفاظ على حقوق ومصالح الشعب السوداني.
وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيطرت “قوات الدعم السريع” على الفاشر، فيما تحدثت تقارير دولية عن انتهاكات واسعة هنالك.
ووفق البيان، أعلنت الإمارات “دعمها الكامل للجهود الإقليمية والدولية الرامية لفرض هدنة إنسانية فورية ووقف شامل لإطلاق النار بالسودان، بما يتيح وصول المساعدات للمتضررين ويضع حدا لمعاناة المدنيين المستمرة منذ اندلاع الحرب الأهلية”.
وأشارت إلى أنها تعرب عن “إدانتها الشديدة واستنكارها العميق للانتهاكات الإنسانية والجرائم المروعة التي ارتكبت بحق المدنيين في مختلف أنحاء السودان المتضررة من الحرب الأهلية، بما فيها مدينة الفاشر”.
ومنذ أبريل/ نيسان 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش و”قوات الدعم السريع” بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، ما تسبب في مجاعة ضمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، وفي مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص.
وقالت الإمارات، بحسب بيان الخارجية، إن “استهداف المدنيين والأحياء السكنية والمرافق الحيوية في كافة المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية مسلحة يشكل تصعيدا خطيرا وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني ولجميع القيم والمبادئ الإنسانية”.
وتابعت الخارجية الإماراتية أن “ما شهدته البلاد (السودان) من اعتداءات مروعة يمثل جريمة بحق الإنسانية تتطلب موقفا دوليا موحدا وحازما” مشيرة إلى “ضرورة اضطلاع الأطراف المتحاربة بمسؤولياتها الكاملة في حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن ودون عوائق”.
وأضافت أن “استغلال المعاناة الإنسانية أو المساعدات لأغراض سياسية أو عسكرية أمر مرفوض ومدان”.
واعتبرت أن “البيان المشترك للرباعية حول السودان يشكل خطوة تاريخية في مسار الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، إذ يقدم تشخيصاً دقيقاً لطبيعتها ويرسم خريطة طريق واضحة لمعالجتها، من خلال هدنة إنسانية تعقبها عملية انتقال مدني للسلطة”.
ولفتت الخارجية الإماراتية إلى أنه “لا حل عسكريا للأزمة السودانية، وأن التوافق الإقليمي والدولي الذي عكسه البيان يمثل دعما مهما لمسار السلام ووحدة السودان”.
وتشكلت الرباعية الدولية بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2025، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية في السودان، وتضم أيضا السعودية والإمارات ومصر.
وآنذاك، دعت الرباعية الدولية إلى هدنة إنسانية أولية لـ3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار. يلي ذلك إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة.
وبحسب بيان الخارجية، “جدّدت الإمارات تأكيد موقفها الثابت والداعي إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، واعتماد الحل السياسي والحوار الوطني الشامل طريقا وحيدا لإنهاء الحرب الأهلية، وصون وحدة السودان واستقراره، ودعم الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني الشقيق”.
من جانبه قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش، إدانة بلاده لجميع الفظائع والانتهاكات التي ارتُكبت في مدينة الفاشر وفي مختلف مناطق السودان من جميع الأطراف المتحاربة. وشدد على أن الموقف الإماراتي ثابت ويدعو إلى وقف الحرب والانتقال نحو حكومة مدنية، نافياً “الحملات الإعلامية والأخبار الزائفة” التي تحاول تشويه هذا الموقف.
وأوضح خلال مشاركته في الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2025 أن بلاده تُعد من أكبر الدول المانحة للسودان، لكنها تواجه صعوبات في إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، داعياً إلى بذل جهود دولية عاجلة لتحسين الأوضاع الإنسانية. كما دعا إلى فتح تحقيق شامل في الانتهاكات التي شهدها السودان، بما في ذلك المزاعم المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة جميع المسؤولين عنها.
وأشار إلى أن الإمارات تنظر إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع كطرفين رئيسيين في النزاع، إلى جانب عشرات الميليشيات الأخرى، ما يجعل المشهد في السودان معقداً للغاية. وأعرب عن قلق بلاده على وحدة السودان واستقراره، مذكّراً بالوثيقة التي أصدرتها “المجموعة الرباعية” (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات) في سبتمبر/يلول الماضي، والتي تشكل إطاراً للحل عبر وقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية انتقالية خلال تسعة أشهر تؤدي إلى حكم مدني.
وفي ختام تصريحاته، تساءل قرقاش عن الأسباب التي قد تدفع أي طرف إلى رفض وقف إطلاق النار أو الانتقال إلى الحكم المدني في ظل معاناة الشعب السوداني، مؤكداً أن الإمارات تسعى بصدق إلى دعم الحوار والسلام، ووقف الحرب، وحماية ما ورد في بيان المجموعة الرباعية بوصفه الطريق الأمثل لإنهاء الأزمة السودانية.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر “قوات الدعم السريع” حاليا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، لا تزال في قبضة الجيش الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.
ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة البلاد، غير أن معظم السودانيين البالغ عددهم 50 مليونا يسكنون في مناطق سيطرة الجيش.
وعبر قائد “قوات الدعم السريع” بالسودان محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، الأربعاء، عن أسفه لحدوث “تجاوزات” أثناء سيطرة قواته على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، معلنا عن تشكيل لجان تحقيق ووصولها المدينة.
وقال حميدتي في مقطع فيديو على منصة تلغرام “أرى أنّ هناك تجاوزات قد حدثت في الفاشر، ومن هنا أعلن عن تشكيل لجان تحقيق. وليس ذلك فحسب، فقد وصلت بالفعل لجان التحقيق إلى الفاشر.”
وتعهد بتوحيد السودان “سلما أو حربا” مضيفا “نتأسف لأهل الفاشر بسبب الكارثة التي حصلت لهم، لكننا كنا مجبرين، والحرب فرضت علينا.
ووجه كلامه لمقاتلي الدعم السريع قائلا “ممنوع قتل الأسير العسكري. أما المدني، فلا علاقة لكم به نحن ناس سلام” لكنه اشاد بقدرتهم على السيطرة على الفاشر وتحقيق انجازات عسكرية سريعة مؤكدا أن ما جرى عمل احترافي يدرس في الجامعات.
ومنذ أيام، اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بارتكاب “مجازر وانتهاكات إنسانية” ضد المدنيين بمدينة الفاشر، بينها “إعدامات ميدانية” واعتقالات وتهجير، وذلك أثناء اقتحامها منذ الأحد، للمدينة التي ظلت تحاصرها لأكثر من عام، وهو نفته الدعم السريع قبل الإعلان عن فتح تحقيق لكشف الملابسات.
ومساء الاثنين، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، انسحاب الجيش من مدينة الفاشر، لتجنيبها مزيدا من “التدمير والقتل الممنهج”.
وتداولت صفحات التواصل الاجتماعي مشاهد وصور لقيام شخص يدعى “أبو لولو” بقتل مدنيين بعد أسرهم فيما نفى ناطق باسم الدعم السريع انتماء هذا الشخص لقواته مؤكدا فتح تحقيق في الفيديوهات المتداولة.
وشدد في المقابل على أن هنالك محاولات لتشويه صورة الدعم السريع من خلال ارتكاب جرائم ونسبها لها.
وقال حميدتي أن “لجان تحقيق قانونية ستبدأ فورا في التحقيق والمحاسبة لأي جندي أو ضابط تجاوز وأجرم في حق أي إنسان يتم القبض عليه، والإعلان عن نتيجة التحقيق فورا” مؤكدا “السماح بحركة المدنيين في الفاشر بشكل كامل ومراجعة احتجاز المدنيين لإطلاق سراحهم في أي مكان، وهذه توجيهات تنفذ فورا”.
وطالب حميدتي سكان الفاشر “بالعودة رغم وجود عوائق حاليا من ألغام ومخالفات الحرب”، مضيفا: “المفروض أن المواطنين يرجعوا إلى بيوتهم وخاصة الذين لديهم بيوت في الفاشر”.
ومساء الثلاثاء، أعلنت منظمة الهجرة الدولية نزوح 7 آلاف و455 شخصا من الفاشر خلال يوم جراء المعارك ليرتفع عدد النازحين إلى 33 ألفا و485 نازح خلال 3 أيام.
وكانت منظمات عربية وإسلامية وأممية، أدانت بشدة انتهاكات وقعت خلال المعارك في الفاشر الفاشر ومطالبات بتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة، وسط دعوات لهدنة إنسانية فورية.
وتأتي تلك التطورات في إطار حرب يخوضها الجيش و”قوات الدعم السريع” منذ 15 أبريل/ نيسان 2023 لم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهائها، وسط معاناة إنسانية متفاقمة.
وخلّفت الحرب نحو 20 ألف قتيل، وأكثر من 15 مليون نازح ولاجئ، وفق تقارير أممية ومحلية، فيما قدّرت دراسة جامعية أميركية القتلى بنحو 130 ألفا.




