البرهان يشترط حل الدعم السريع لوقف الحرب في السودان

هيئة التحرير29 نوفمبر 2025آخر تحديث :
البرهان يشترط حل الدعم السريع لوقف الحرب في السودان

قائد الجيش السوداني يسعى لاستقطاب الدعم الأميركي مقابل منافع اقتصادية واستثمارية

موقف البرهان رد متشدد على دعوة حميدتي لهدنة انسانية بثلاثة اشهر و شرط البرهان غير واقعي خاصة أن الدعم السريع تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد

البرهان يسعى لاستغلال رغبة ترامب في عقد الصفقات لتخفيف الضغوط الاميركية

تحفظ البرهان على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار ترامب لأنها تلغي وجود الجيش وتحل الأجهزة الأمنية وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها

 

الخرطوم / النهار

أبدى رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، استعداده للعمل مع الولايات المتحدة والسعودية لإحلال سلام دائم في بلاده لكنه اشترط تفكيك قوات الدعم السريع في خطوة وصفت بأنها تعجيزية وغير قابلة للتطبيق وتهدف لوضع العراقيل أمام جهود السلام.

ووصف البرهان، بمقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واشنطن بـ”الإيجابية والمشجعة”.

وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال ترامب إنه “سيبدأ العمل” على حل الأزمة في السودان، بعد طلب من ولي العهد السعودي.

وأضاف البرهان “نرحب بالجهود المخلصة للولايات المتحدة والسعودية لتحقيق سلام عادل ومنصف في السودان، ونقدر اهتمامهما والتزامهما المستمر بإنهاء إراقة الدماء” معربا عن “الاستعداد للعمل الجاد معهما لإحلال السلام الذي طالما تاق إليه الشعب السوداني”.

واستدرك قائلا “غير أن أي حل يضمن سلاما دائما يستلزم تفكيك مليشيا الدعم السريع ومرتزقتها” مشددا على أنه “لا مكان لهم ولا لحلفائهم (لم يسمهم) في مستقبل السودان الأمني أو السياسي”.

ويرى مراقبون أن هذا الشرط غير واقعي خاصة وان الدعم السريع جزء من الشعب السوداني وتسيطر على مساحات شاسعة من البلاد فيما يراه البعض مجرد محاولة لمنع التوصل لتفاهمات.

وفي سبتمبر/أيلول 2025، طرحت الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، خطة تدعو لهدنة إنسانية بالسودان لمدة 3 أشهر، تمهيدا لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة.

وكان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” أعلن موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.

فيما تحفظ البرهان على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار ترامب، لأنها “تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها” التي احتلتها.

لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها لا تمانع التفاوض وفقا لخريطة طريق قدمتها للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب “قوات الدعم السريع” من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.

‏وقال البرهان إن “الإجماع بين السودانيين هو أن الرئيس ترامب قائد يتحدث مباشرة ويتحرك بحسم، ويعتقد كثيرون أنه يملك الإرادة لمواجهة الأطراف الأجنبية (لم يسمها) التي تطيل أمد معاناتنا” متابعا أن “الحرب التي تشنها مليشيا قوات الدعم السريع ليست كأي صراع واجهناه، فهي تمزق نسيج مجتمعنا، وتقتلع ملايين الأشخاص من ديارهم، وتهدد كامل الإقليم بالخطر”.

وتابع “مع ذلك، لا يزال السودانيون ينظرون إلى حلفائهم في المنطقة وواشنطن بأمل مشددا على أن “السودان مستعد للعمل البناء مع إدارة الرئيس ترامب ومع كل مَن يسعى بصدق إلى السلام”.

وحذر من أن “الحرب تهدد استقرار البحر الأحمر شرقا ومنطقة الساحل (الإفريقي) الهشة غربا، كما تشكل خطرا مباشرا على المصالح الأميركية”.

ويبدو أن قائد الجيش من خلال تصريحاته يريد تخفيف التوتر مع واشنطن بعد انتقادات وجهها للدور الأميركي وخاصة للمبعوث مسعد بولس في الملف السوداني.

 

البرهان يسعى لتخفيف التوتر مع واشنطن بعد انتقاد دور مسعد بولس

البرهان يسعى لتخفيف التوتر مع واشنطن بعد انتقاد دور مسعد بولس

وتابع أن “غالبية العالم ما تزال تنظر إلى الصراع باعتباره مجرد صراع على السلطة بين جنرالين، لا تمردا عنيفا ضد الدولة وشعبها” مضيفا “عندما تنتهي الحرب يريد السودان أن يكون شريكا قويا للولايات المتحدة، وأن يساهم في حماية الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب، وإعادة بناء المدن والبلدات المدمرة”.

وأضاف أنه “سيكون للشركات الأميركية دور مهم في إعادة الإعمار والاستثمار والتنمية” في رسالة وصفت بأنها محاولة لاستقطاب الدعم الأميركي مقابل منافع اقتصادية واستثمارية في قراء لشخصية ترامب التي تركز على عقد الصفقات.

وشدد على أن “السلام الحقيقي في السودان لن يتحقق عبر النصر العسكري وحده، ويجب أن يقوم على الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق شعبنا مضيفا أن “القوات المسلحة السودانية ملتزمة بالانتقال إلى الحكم المدني”.

وحذر من أن “السودان يقف اليوم على مفترق طرق: طريق يؤدي إلى الانهيار وفوضى إقليمية، وآخر يقود إلى التعافي وتحقيق الوعد المؤجل للديمقراطية والاستقرار” متابعا “لا يمكننا سلوك هذا الطريق (للتعافي) وحدنا، فنحن بحاجة إلى شركاء يدركون خطورة اللحظة، ويملكون الشجاعة لمواجهة الحقائق الصعبة.

‏وفي أبريل/نيسان 2023، اندلعت الحرب بين الجيش و”قوات الدعم السريع” بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، ما تسبب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.

وتحتل “الدعم السريع” كل مراكز ولايات دارفور الخمس غربا من أصل 18 ولاية بعموم البلاد، بينما يسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.

ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة السودان البالغة أكثر من مليون و800 ألف كيلومتر مربع، غير أن معظم السودانيين وعددهم 50 مليونا يسكنون في مناطق سيطرة الجيش.

 

 

مقالات أخرى من اختيارات المحرر

اشتراطات الجيش السوداني تُعرقل هدنة جديدة

الأربعاء 26/11/2025

الامارات تدفع الى جانب واشنطن لانهاء الحرب في السودان الامارات تدفع الى جانب واشنطن لانهاء الحرب في السودان

أبوظبي – في لحظة توتر إقليمي وتراجع فرص التهدئة في السودان، كشف المبعوث الأميركي للشؤون الأفريقية والعربية مسعد بولس عن تفاصيل خطة هدنة جديدة طرحتها واشنطن على طرفي الصراع، لكنها اصطدمت – مرة أخرى – بشروط الجيش السوداني التي وصفها بولس بأنها “مستحيلة التحقيق”، ما أعاد التأكيد على عمق الهوة بين الأطراف وقدرة الاشتراطات المسبقة على تعطيل أي مسار تفاوضي قبل أن يبدأ.

 

وخلال مؤتمر صحفي عقده في أبوظبي، أوضح بولس أن المقترح الأميركي المطروح يستند إلى مشروع اتفاق سبق أن قدمته الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات) في سبتمبر/أيلول الماضي، لكنه حُدّث ليعكس التطورات الميدانية والإنسانية المتسارعة.

 

وأشار إلى أن الطرفين، الجيش وقوات الدعم السريع، لم يبديا قبولًا رسميًا بالمقترح، رغم أن الخطة “محكمة ومباشرة ولا تحمل تناقضات”.

 

إلا أن جوهر التعطيل، وفقًا للمبعوث الأميركي، يكمن في اشتراطات الجيش السوداني، وعلى رأسها رفض أي هدنة قبل انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق المدنية، وهو مطلب يراه الأميركيون غير قابل للتطبيق سريعًا، ويعادل – عمليًا – مطالبة الطرف الآخر بتقديم تنازلات منهكة قبل بدء عملية التفاوض نفسها.

 

وتصاعد الجدل بعد إعلان قوات الدعم السريع وقفًا لإطلاق النار من جانب واحد، في خطوة جاءت تحت ضغوط دولية عقب تقارير عن انتهاكات واسعة منسوبة اليها في نهاية الشهر الماضي. ورحّبت الأمم المتحدة بهذه الخطوة بوصفها “اتجاها صحيحا”، لكنها ربطت صدقيتها بتحسين حماية المدنيين وفتح ممرات الإغاثة.

 

ورغم إعلان الدعم السريع، اتهم الجيش خصمه بشن هجوم على قاعدة في بابنوسة بولاية غرب كردفان، في مؤشر يعكس هشاشة أي إعلان من هذا النوع في ظل انعدام الثقة المطلقة بين الطرفين. كما وصف المتحدث باسم الحكومة السودانية الهدنة المعلنة بأنها “مناورة سياسية مكشوفة”، متهمًا قوات الدعم السريع بتهيئة غطاء إعلامي لتجاوزات ميدانية.

 

وفي مقابل الموقف الأميركي، بدا لافتًا التحول النسبي في لهجة الجيش، بعدما طلب مجلس الأمن والدفاع السوداني برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان من “الجهات المختصة” دراسة المقترح الأميركي والرد عليه، وذلك بعد يومين فقط من وصف البرهان للخطة بأنها “الأسوأ” ومؤكِدًا أنها تمنح الدعم السريع شرعية غير مستحقة. وهذا التبدل لا يعكس تغييرًا في الجوهر بقدر ما يشير إلى محاولة تكتيكية لتحسين موقع الجيش التفاوضي.

 

وتتداخل مع هذه المواقف اتهامات سابقة وجهها الجيش للإمارات بأنها تنحاز للدعم السريع، وهو ما تنفيه أبوظبي بشدة، إذ أكد المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش رفض بلاده لـ”حملات التضليل”، مشددًا على أن الإمارات لن تتراجع عن جهودها لإحلال السلام.

 

كما أشار بولس إلى أن أي تصنيف أميركي محتمل لجماعة الإخوان المسلمين قد يؤدي إلى تدقيق إضافي في أنشطة فروعها في المنطقة، في إشارة غير مباشرة إلى نفوذ الجماعات الإسلامية داخل الجيش السوداني، وهو أمر ينفيه البرهان.

 

في المحصلة، تبدو الخطة الأميركية الجديدة محاولة إضافية في مسار طويل من المبادرات التي تصطدم كل مرة بجدار الشروط المسبقة، خصوصًا من جانب الجيش. وبينما تواصل واشنطن والإمارات والأمم المتحدة الضغط لخلق مساحة تهدئة إنسانية، فإن مستقبل هذه المساعي يظل مرهونًا بقدرة الأطراف على التخلي عن شروط الإخضاع المسبق والقبول بوقف النار كمدخل لا كحصيلة تفاوض، وهو ما لا تُظهر الوقائع أنه قريب المنال حتى الآن.

ومثل تمسك قوات الدعم السريع بهدنة لمدة 3 أشهر بالسودان، وذلك “استجابة لجهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودول الرباعية” التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات فرصة لتكريس مزيد من الضغط على الجيش السوداني الرافض للتفاوض وللحلول السلمية، خاصة بعد أن هاجم قائده الفريق اول عبدالفتاح البرهان المبعوث الأميركي مسعد بولس واتهمه بعدم الحياد.

وأكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي على “تلغرام” التزامه بالسلام، بعد أن أعلن في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن قبول قواته بهدنة اقترحتها “دول الرباعية”.

 

 

وفي 12 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدرت “دول الرباعية” بيانا دعت فيه إلى هدنة إنسانية أولية لـ3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.

يلي ذلك “إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة”.

 

وقال حميدتي “انطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية، نعلن عن هدنة إنسانية تشمل وقف أعمال العدائية لمدة 3 أشهر، وذلك استجابة للجهود الدولية وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومساعي الدول الرباعية والاتحاد الإفريقي”.

 

وردا على ذلك اعتبر وزير الاعلام السوداني خالد الأعيسر الخطوة مجرد “مناورة سياسية مكشوفة تتناقص والواقع المرير” للتنصل من مسؤولية انهاء النزاع. وظلت السلطات السودانية تؤكد مرارا ترحيبها بأي وقف لإطلاق النار بشرط انسحاب “الدعم السريع” من كل المدن التي استولت عليها وعدم مشاركتها في أي دور مستقبلي بالبلاد.

 

ومن جانبه قال مسعد بولس خلال إفادة إعلامية في أبوظبي إن الرئيس ترامب يعتبر إنهاء الحرب في السودان أولوية، وإن واشنطن قدمت للجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية خطة بصياغة قوية لكنها لم تلق قبول طرفي الصراع مضيفا “الجيش السوداني عاد “بشروط مسبقة” لكن الولايات المتحدة ترغب في أن يتم قبول النص بصيغته الأصلية.

والأسبوع الماضي، قال بولس، إن الولايات المتحدة ملتزمة بإنهاء الصراع المروّع في السودان. جاء ذلك بعد ساعات من تصريحات ترامب في “منتدى الاستثمار الأميركي السعودي” الذي انعقد بواشنطن، أعلن فيها أنه “سيبدأ العمل” على حل الأزمة في السودان، بعد طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي زار الولايات المتحدة مؤخرا.

ودعا حميدتي “الرباعية الدولية” إلى أن “تطلع بدورها لدفع الطرف الآخر إلى قبول التجاوب مع هذه الخطوة”.

وتحدث عن “التزام الدعم السريع بتسهيل العمل بالمجال الإنساني وتأمين حماية العاملين فيه وضمان وصول المساعدات بلا عوائق، وحماية مقرات المنظمات الدولية والمحلية”.

 

وقد قال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات اليوم الثلاثاء إن الدولة ترحب بالجهود الأميركية الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان، وتندد بالفظائع التي ارتكبها كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. وتقوم أبوظبي بجهود دبلوماسية كبيرة بهدف احلال السلام في البلد الافريقي الذي مزقته الحرب.

وكان البرهان هاجم السبت بشدة، الورقة التي قدمتها الآلية الرباعية عبر بولس قائلا إن تلك الورقة “تعتبر أسوأ ورقة يتم تقديمها باعتبار أنها تلغي وجود القوات المسلحة وتطالب بحل جميع الأجهزة الأمنية وتبقي الدعم السريع في مناطقها”.

كما هاجم شخص بولس نفسه قائلا ” نخشى أن يكون مسعد بولس عقبة في سبيل السلام الذي ينشده كل أهل السودان”.

ومنذ 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تستولي “الدعم السريع” على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، غربي السودان.

وبالإضافة إلى الغرب، تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، منذ أيام، اشتباكات ضارية بين الجيش و”الدعم السريع” أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر “قوات الدعم السريع” حاليا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم.

عاجل !!