الانضمام إلى التحالف ضد داعش يفتح لسوريا أبواب التعاون الدولي والإقليمي …. دمشق تبني جسور الثقة مع الولايات المتحدة ودول الخليج.

هيئة التحرير25 نوفمبر 2025آخر تحديث :
الانضمام إلى التحالف ضد داعش يفتح لسوريا أبواب التعاون الدولي والإقليمي …. دمشق تبني جسور الثقة مع الولايات المتحدة ودول الخليج.

التحالف منصة تعيد دمج سوريا في المنظومة الأمنية الإقليمية

أصبحت سوريا عضوا في التحالف الدولي لهزيمة داعش، ما يفتح أمامها آفاقا واسعة للتعاون الدولي والإقليمي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه دمشق إلى إعادة بناء جسور الثقة مع الولايات المتحدة ودول الخليج، وتعزيز دورها كشريك فاعل في الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، إلى جانب استثمار الفرص الاقتصادية والتنموية لمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.

واشنطن – في خطوة تاريخية على الصعيد الدبلوماسي والإقليمي، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة رسمية إلى واشنطن في 10 نوفمبر، ليصبح أول زعيم سوري يلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض منذ استقلال البلاد قبل ما يقرب من ثمانية عقود.

ولم تكن هذه الزيارة مجرد حدث رمزي، بل مثلت تتويجا لسلسلة من القرارات الأميركية التي تهدف إلى دعم سوريا في مساعيها لإعادة البناء وتعزيز الاستقرار، والتي تضمنت إزالة الشرع من قائمة الإرهابيين العالميين المحددين خصيصا، وتجديد تعليق العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، والسماح بإعادة فتح السفارة السورية في واشنطن لممارسة مهامها الدبلوماسية بحرية كاملة.

ويرى الباحثان ميريسا خورما وجورجيو كافييرو في تقرير نشره المجلس الأطلسي أن هذه الخطوات تعكس بوضوح التقدير الأميركي لرغبة دمشق في الانخراط بشكل إيجابي في الساحة الدولية، وتوضح التزام الولايات المتحدة بدعم مسار سوريا نحو تعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب. وفي اليوم التالي للزيارة أعلنت السفارة الأميركية في دمشق أن سوريا أصبحت العضو التسعين في التحالف الدولي لهزيمة داعش، وهو ما يمثل تحولاً بارزا في الموقف الإقليمي والدولي لسوريا.

كما يمثل هذا الانضمام تأكيدا على التزام دمشق بالشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وتعزيز أمنها الإقليمي، ويعكس استعدادها للعب دور فعال في مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي والإقليمي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تحرص فيه سوريا على إعادة بناء صورتها الدولية بعد سنوات طويلة من العزلة، وتفتح المجال أمام دمشق لإثبات قدرتها على التعاون الفعال مع شركائها الدوليين في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة.

ويعزز انضمام سوريا إلى التحالف الدولي قدراتها الاستخباراتية والعسكرية من خلال تبادل المعلومات حول تدفقات المقاتلين الأجانب وتعقب التمويل المشبوه، فضلاً عن التنسيق في مواجهة الحملات الدعائية والمعلومات المضللة التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية.

ولا تساعد هذه الإمكانيات الاستخباراتية فقط في مواجهة داعش، بل تسهم أيضا في تثبيت الأمن الداخلي وتحقيق استقرار المناطق التي تم تحريرها سابقا من التنظيم، وهو ما يمنح الحكومة السورية فرصة لتأكيد مصداقيتها أمام المجتمع الدولي وتعزيز شرعيتها الداخلية. كما يمثل التحالف إطارا يمكن من خلاله لدمشق أن تساهم في وضع سياسات مشتركة لمكافحة التنظيمات المتطرفة، وأن تستفيد من خبرات الدول الأعضاء في مجالات الأمن والاستخبارات والتخطيط العسكري، ما يعزز دورها كجهة فاعلة ومحورية في الأمن الإقليمي.

وإلى جانب البعد الأمني والعسكري يحمل الانضمام إلى التحالف بُعدا اقتصاديا وتنمويا مهما. فالتعاون الدولي يعزز فتح طرق التجارة والنقل، ويشجع على زيادة تدفق الاستثمارات الإقليمية والدولية، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية وقطر والإمارات، التي لعبت دورا محوريا في دعم الانخراط السوري ورفع مستوى الثقة الأميركية بدمشق.

ويرى قادة هذه الدول أن إعادة دمج سوريا في المجتمع الإقليمي والدولي ضرورة إستراتيجية لضمان الاستقرار ومنع استغلال الفراغات الأمنية والاقتصادية من قبل الجماعات الإرهابية. ولعبت هذه الرؤية الخليجية دورا محوريا في دفع إدارة ترامب إلى تبني خطوات داعمة لسوريا، بما في ذلك رفع العقوبات، وهو ما يعكس وعيا بأن التعاون الدولي العميق مع دمشق هو السبيل الأمثل للتعامل مع التحديات الإقليمية وضمان استقرار سوريا واستدامة جهود مكافحة الإرهاب.

♦ التعاون مع التحالف يمنح سوريا دورا محوريا في رسم السياسات الأمنية، ما يعزز موقعها السياسي والاقتصادي، ويعيد لها مكانتها كشريك موثوق في الساحة الإقليمية

ومن خلال المشاركة في التحالف تتيح سوريا لنفسها فرصة المشاركة في مشاريع الاستقرار والتنمية الإنسانية في المناطق المحررة من داعش، ما يسهم في إعادة الإعمار وتحسين الخدمات العامة، ويعزز الأمن المجتمعي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. كما يوفر الانخراط في التحالف فرصة لاستفادة سوريا من خبرات الدول الأعضاء في مجال الدعم اللوجستي والفني، بما يمكن الحكومة السورية من تعزيز مؤسسات الدولة وإعادة تأهيل الأجهزة الأمنية والإدارية، وهو ما يخلق قاعدة متينة لإعادة بناء الدولة على أسس أكثر استقرارا وفاعلية.

ويمثل هذا التعاون الدولي أيضا منصة لإظهار التزام دمشق بالإصلاح والتعاون مع المجتمع الدولي. ويعكس الانخراط في التحالف رغبة الحكومة السورية في دمج قوات سوريا الديمقراطية تدريجيا ضمن مؤسسات الدولة، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق وحدة وطنية شاملة وتعزيز الاستقرار الداخلي، بما يضمن قدرة الدولة على تنفيذ سياسات أمنية فعالة وحماية السكان من التنظيمات المتطرفة.

ويتيح هذا التوجه لسوريا فرصة استعادة ثقة المجتمع الدولي، والتأكيد على التزامها بمعايير مكافحة الإرهاب، ما يعزز مكانتها كشريك موثوق في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف. وعلى الرغم من الفرص الكبيرة، فإن هناك تحديات مرتبطة بالشراكة مع حكومة لا تزال تواجه جدلاً داخليا على الصعيد السياسي والأيديولوجي، بما في ذلك تأثير بعض الميليشيات الموالية للحكومة والمقاتلين الأجانب الذين يعملون ضمن الأجهزة الأمنية والعسكرية.

ورغم ذلك، أظهرت الإدارة السورية قدرة على إدارة هذه التحديات وتعزيز سلطة الدولة، مع الحفاظ على شراكة فعالة مع التحالف الدولي. ويبدو أن الحكومة السورية تسعى بجدية لإثبات التزامها بمكافحة الإرهاب على نحو يضمن الاستقرار الداخلي وتعزيز الأمن الإقليمي.

وأظهرت زيارة الشرع إلى واشنطن والانضمام إلى التحالف الدولي قدرة سوريا على إعادة بناء علاقاتها الدولية بشكل إيجابي وبنّاء. وتؤكد هذه الخطوات التزام دمشق بالشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ودول الخليج، وتتيح لها المشاركة الفاعلة في جهود الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.

ويعزز التعاون مع التحالف قدرة سوريا على مواجهة التحديات الإرهابية ويمنحها دورا محوريا في رسم السياسات الأمنية، ما يدعم موقعها السياسي والاقتصادي، ويعيد لها مكانتها كشريك موثوق في الساحة الإقليمية. ويشمل بناء الثقة مع دول الخليج تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي والاقتصادي، حيث تُعد المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات شركاء أساسيين في دعم سوريا على طريق إعادة البناء والاستقرار.

وتتيح هذه الشراكات لدمشق توسيع شبكة علاقاتها الدولية، والاستفادة من الخبرات في مجالات الأمن والتنمية، وفتح قنوات استثمارية جديدة تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية. كما تدعم هذه الشراكات إستراتيجيّا جهود إعادة الإعمار وتحسين الخدمات العامة، بما يعزز فرص النمو ويخلق بيئة مناسبة للاستقرار المستدام.

ويشكل الانخراط في التحالف فرصة لإعادة دمج سوريا تدريجيّا في المؤسسات الإقليمية والدولية، ويؤكد التزامها بالمعايير الدولية في مكافحة الإرهاب ودعم الشرعية السياسية. ويعكس هذا الانخراط رغبة الحكومة السورية في تحقيق وحدة وطنية شاملة، ويعزز قدرة الدولة على إدارة مؤسساتها بفاعلية، ما يتيح لها استثمار الدعم الدولي في دعم الاستقرار الداخلي وتنمية الاقتصاد الوطني.

وفي ضوء هذه التطورات يظهر أن سوريا قد بدأت مرحلة جديدة من الانخراط الدولي الإيجابي، حيث يمكن للرئيس والمسؤولين في الحكومة أن يثبتوا التزامهم بمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني، مع الحفاظ على مصالحها الوطنية ودعم علاقاتها الإستراتيجية مع شركاء مهمين مثل الولايات المتحدة ودول الخليج.

ويمثل الانضمام إلى التحالف الدولي نقطة تحول تاريخية تمكن دمشق من لعب دور فاعل ومسؤول في الساحة الإقليمية والدولية، بما يتيح لها استثمار الفرص الاقتصادية والتنموية والسياسية لتعزيز قدراتها الداخلية وتحقيق مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا للشعب السوري، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون البنّاء والثقة المتبادلة بين سوريا وشركائها الدوليين.

 

عاجل !!