الحكومة الأردنية تؤكد دعمها وقف الحرب في القطاع وإدخال المساعدات وعملية سياسية ذات أفق تفضي إلى بدء الإعمار
جاءت تصريحات المومني هذه عقب إعلان القوات المسلحة الأردنية عزمها انتداب ممثل عن الأردن للمشاركة في فريق مركز التنسيق المدني العسكري في غزة
يفهم الموقف الأردني على أنه تحديد لدور المدني والإغاثي فقط، ورفض لتحويل هذا الانتداب إلى مقدمة لدور عسكري أوسع
تزامن الموقف الأردني برفض الدور العسكري مع إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن تفاؤله بشأن استعداد دول عدّة للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية في غزة
عمان / النهار
أكد الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، موقف بلاده تجاه أي مشاركة عسكرية في قطاع غزة أو الضفة الغربية، محددا بوضوح الدور الذي يراه الأردن لمستقبل القطاع المحاصر، وهو دور يرتكز على السياسة والإغاثة والإعمار، وليس الانخراط العسكري.
جاء هذا التصريح ليرسم خطا فاصلا بين الأولويات الأردنية الرامية إلى استقرار إقليمي شامل، وبين الترتيبات الأمنية الدولية التي يجري تداولها بالتزامن مع دخول خطة الهدنة حيز التنفيذ.
وقال المومني، في تصريحات تلفزيونية “لن نرسل قوات أردنية إلى قطاع غزة، ولن يكون لنا أي دور عسكري في الضفة الغربية أو القطاع، وما ندعمه بشأن غزة هو وقف الحرب وإدخال المساعدات وعملية سياسية ذات أفق تفضي إلى بدء الإعمار”.
ويضع هذا التصريح حدا للتكهنات بشأن أي دور أردني في القوات الدولية المقترحة لإدارة الأمن في غزة، ويؤكد أن الأولوية المطلقة للمملكة هي إنهاء المعاناة الإنسانية وإطلاق مسار سياسي شامل وموثوق.
وجاءت تصريحات المومني هذه عقب إعلان القوات المسلحة الأردنية عزمها انتداب ممثل عن الأردن للمشاركة في فريق مركز التنسيق المدني العسكري في غزة، الذي افتتحته القيادة المركزية الأميركية مؤخرا تحت مسمى مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)، بهدف دعم استقرار غزة وتنسيق المساعدات الإنسانية والأمنية، بمشاركة نحو 200 جندي أميركي وخبراء دوليين.
ويفهم الموقف الأردني على أنه تحديد لدور المدني والإغاثي فقط، ورفض لتحويل هذا الانتداب إلى مقدمة لدور عسكري أوسع.
وأضاف المومني أن الشعب الفلسطيني يستحق أن يقرر مصيره بنفسه، مؤكدا أن “التهجير والمساس بالمقدسات في القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.
وانتقد المومني سياسات إسرائيل الأخيرة تجاه ضم الضفة الغربية، واصفا إياها بأنها “عدوانية”، معبرا عن تقدير الأردن للجهود الأميركية والدولية الرافضة لضم الضفة.
ويأتي هذا الانتقاد ليؤكد أن الموقف الأردني ليس مجرد رفض للمشاركة العسكرية، بل هو موقف سياسي شامل يرفض كل ما يعيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد المومني أن الجهود الإنسانية الأردنية تجاه غزة ستتواصل، مشيرا إلى أن المساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة التي يقدمها الأردن مفخرة لكل أردني وعربي.
واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن الأردن لن يتأخر عن تقديم الدعم، قائلا “لن نتأخر عن تقديم كل ما يساعد إخوتنا وأهلنا في غزة.”
وتزامن الموقف الأردني برفض الدور العسكري مع إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن تفاؤله بشأن استعداد دول عدّة للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية في غزة.
ويأتي هذا التفاؤل في ظل المساعي الحثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، والبدء في تطبيق المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام.
وقال روبيو إن قوة الأمن الدولية في غزة يجب أن “تتكون من الدول التي تشعر إسرائيل بارتياح حيالها”، مشيرا إلى أن “هناك دولا عدة اقترحت المشاركة”.
وتنص خطة السلام المكوّنة من 20 بندا التي وافقت عليها إسرائيل وحركة حماس في التاسع من أكتوبر، على تشكيل “قوة استقرار دولية مؤقتة لنشرها فورا” في غزة، على أن “توفر التدريب والدعم لقوات شرطة فلسطينية موافق عليها” في القطاع.
وأكد روبيو أن جميع الأطراف وافقت على عدم وجود أي دور حماس في مستقبل غزة، وأن الولايات المتحدة تعمل على تهيئة الظروف الملائمة لعمل القوة الدولية، بالتعاون مع الأمم المتحدة إن لزم الأمر.
وقال روبيو إنّه “متفائل” بشأن استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
ويستند هذا التفاؤل إلى سلسلة الزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى، من بينهم نائب الرئيس جاي دي فانس والمبعوث ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، لضمان تثبيت الهدنة الهشة التي أنهت حربا مدمرة استمرت عامين.
وشهدت الهدنة الهشة اختبارا صعبا الأحد الماضي، عندما شنّت إسرائيل غارات على غزة بعد مقتل جنديين، ما أسفر عن 45 قتيلا فلسطينيا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة.
وكان ترامب قد أعلن في 9 أكتوبر أن إسرائيل وحركة حماس توصلا إلى اتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى من خطته الرامية إلى إنهاء النزاع المسلح المستمر في قطاع غزة منذ عامين.
ويأتي الموقف الأردني ليعيد التوازن إلى النقاش، مؤكدا أن الاستقرار الحقيقي لن يتحقق إلا عبر بوابة السياسة والإعمار ورفع الحصار، وليس فقط من خلال الترتيبات الأمنية المؤقتة.
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أنه تلقى تطمينات من قطر ومصر، بشأن “تفاؤل كبير” بالتزام حركة حماس بتسليم إدارة غزة لهيئة فلسطينية مستقلة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع.
وقال الملك عبدالله في مقابلة لبرنامج “بانوراما” على قناة “بي بي سي”، بالتزامن مع قمة شرم الشيخ التي عقدت في مصر وشهدت توقيع وثيقة شاملة بشأن اتفاق وقف الحرب في غزة، إن “المنطقة شهدت محاولات سلام فاشلة عديدة، وإن تنفيذ حل الدولتين هو الحل الوحيد لتحقيق ذلك”. وفق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا”.
وفي تعليقه على اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، قال الملك عبدالله الثاني إن “الشيطان يكمن في التفاصيل، حيث أن المنطقة محكومة بالهلاك حال لم يتم تطبيق مبدأ حل الدولتين”.
وتابع “إذا لم نتوصل لحل لهذه المشكلة، وإذا لم نجد مستقبلا للإسرائيليين والفلسطينيين، وعلاقة بين العالمين العربي والإسلامي وإسرائيل، فإننا محكومون بالهلاك”.
وأضاف “آمل أن نتمكن من إعادة الأمور إلى مسارها لأننا إن لم نحل هذه المشكلة فسنعود إليها مجددا”.
ولفت العاهل الأردني إلى أن “إسرائيل رفضت مرارا حل الدولتين، إذ عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن معارضته الشديدة لذلك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي”.
وفي إشارة إلى العنف في المنطقة خلال العامين الماضيين، بما في ذلك حرب إسرائيل مع إيران والهجوم الإسرائيلي على قادة حماس في قطر، تساءل الملك “إلى أي مدى اقتربنا من اندلاع صراع إقليمي، إن لم يكن بين الجنوب والشمال، كان يمكن أن يجر العالم بأسره إليه؟”.
وفي حديثه عن نتنياهو، قال العاهل الأردني إنه “لا يثق بشيء مما يقوله”، لكنه أضاف أنه يؤمن بوجود إسرائيليين يمكن للقادة العرب العمل معهم لبناء السلام.
وبشأن موافقة حماس على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية مستقلة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، فقال الملك عبدالله إنه “تلقى تطمينات من الدول القريبة من الحركة، قطر ومصر، تؤكد أن هناك تفاؤل كبير بأن الحركة ستلتزم بذلك”، دون تعليق فوري من تلك الدول.
لكن العاهل الأردني حذر من أن “الشيطان يكمن في التفاصيل” في الاتفاق الذي توسط فيه ترامب.
وشدد على أنه “بعد تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، سيكون من الضروري أن يظل الرئيس الأميركي منخرطا في العملية”.
وأوضح “خلال مناقشاتنا مع الرئيس ترامب، تأكدنا أنه يدرك أن المسألة لا تتعلق بغزة فقط، ولا بأفق سياسي محدد، بل إنه يريد تحقيق السلام في المنطقة بأسرها، وهذا لن يتحقق ما لم يكن للفلسطينيين مستقبل”.
وردا على سؤال عمّا إذا كان يعتقد أنه سيشهد اتفاق سلام نهائي يشمل إقامة دولة فلسطينية، قال الملك عبدالله “لا بد أن يحدث ذلك، لأن البديل يعني على الأرجح نهاية المنطقة”.
وأضاف “أعتقد أن هذا ما يدفعني ويدفع الكثيرين منا في المنطقة، إلى الإيمان بأن السلام هو الخيار الوحيد، لأنه إن لم يتحقق، فكم مرة سيتم جر الغرب، والولايات المتحدة خصوصًا، إلى هذا الصراع”.
وانطلقت القمة مساء الاثنين، برئاسة السيسي وترامب، في مركز المؤتمرات بمدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة.
وجاءت قمة شرم الشيخ بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 ت.غ)، بعد أن أقرته حكومة تل أبيب فجر اليوم ذاته.
وفي 9 أكتوبر الجاري، أعلن ترامب توصل إسرائيل وحماس، لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
جاء ذلك وفق خطة أعلنها ترامب في 29 سبتمبر الماضي، وتتألف من 20 بندا من بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة خلال 72 ساعة من موافقة إسرائيل على الخطة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس.
وفي معرض ردها على خطة ترامب بشأن غزة، قالت حماس، في بيان حينها، إنها موافقة على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وتسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني، واستناداً للدعم العربي والإسلامي”.
لكنها أكدت أن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب تناقش في إطار فلسطيني.
وعلى صعيد آخر قضت محكمة عسكرية أردنية بسجن تسعة متهمين لمدد تتراوح بين ثلاث سنوات و15 سنة على خلفية اتهامهم في مؤامرة مرتبطة بالإخوان المسلمين لزعزعة استقرار البلاد، وهي قضية دفعت السلطات إلى حظر أكبر جماعة معارضة في المملكة.
وقالت المحكمة إن المتهمين بين أكثر من 10 من أعضاء الجماعة ألقي القبض عليهم في أبريل/نيسان بتهمة تلقي التدريب والتمويل في لبنان لشن هجمات داخل الأردن باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة.
وقالت السلطات إن الموقوفين خططوا لشن هجمات على أهداف أمنية ومواقع حساسة في الأردن، لكنها لم تحدد الأهداف.
وحُكم على اثنين من المتهمين الرئيسيين بتهمة “تصنيع أسلحة بقصد استخدامها على وجه غير مشروع” بالسجن 15 سنة، في حين حُكم على متهم آخر بالسجن سبع سنوات بتهمة التواطؤ. وأشار بيان للمحكمة نقلته وسائل الإعلام الرسمية إن “ستة آخرين حُكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات بتهم منها القيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر”. وبرأت المحكمة أربعة آخرين من تهمة تصنيع طائرات مسيرة. ونفى جميع المتهمين التهم المنسوبة إليهم.
وقالت السلطات الأردنية إن صاروخا واحدا على الأقل كان جاهزا للإطلاق في إطار عملية تراقبها قوات الأمن منذ 2021.
وبعد أسبوع من الحملة الأمنية، أصدرت الحكومة قرارها بحظر جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أصولها وإغلاق مكاتبها بعد أن قالت السلطات إن بعض أعضائها لهم صلة بمخطط تخريبي.
ويقاوم الأردن منذ سنوات ضغوطا من دول الخليج ومصر لحظر “الإخوان”. لكن عمّان شددت خلال السنوات القليلة الماضية القيود على الجماعة وحظرت التجمعات العامة واعتقلت عددا من أعضائها البارزين، وذلك بما يتماشى مع حملة إقليمية على جماعات الإسلام السياسي والمعارضة.
ونفت “الإخوان” أي صلة بينها وبين تلك المؤامرة، لكنها قالت إن بعض أعضائها ربما تورطوا بشكل فردي في تهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتقول الحركة إنها نبذت العنف منذ عقود وتواصل السعي لتحقيق رؤيتها الإسلامية من خلال الوسائل السلمية.
وأصبح، حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة في الأردن، أكبر مجموعة سياسية في البرلمان بعد انتخابات العام الماضي على الرغم من أن معظم المقاعد يشغلها أنصار الحكومة.




