“استقالة المسؤول.. مصطلح غائب في القاموس العربي رغم الكوارث
قراءة في علم نفس الكوارث والازمات
بقلم المستشار القانوني والاعلامي
سالم حواس الساعدي
تخصص دقيق عمليات نفسية
مفارقة المسافة والواجب: قراءة هادئة في دور الدفاع المدني العراقي بين الداخل والخارج
في الوقت الذي أعلنت فيه وسائل إعلام رسمية عن استعداد الدفاع المدني العراقي للمساهمة في إطفاء حرائق اندلعت في { سوريا }، والتي تبعد عن العراق أكثر من 2000 كيلومتر (وهو ما يعادل مليونين من الأمتار)، يتساءل المواطن العراقي ـ وبحق ـ عن مدى جاهزية واستجابة هذا الجهاز الحيوي في التعامل مع الحرائق الداخلية، لاسيما في مدن مثل الكوت والموصل وبغداد والبصرة وغيرها، حيث باتت الحوادث تتكرر بشكل لافت، ويذهب ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى.
ليست المشكلة في تقديم يد العون {لسوريا }أو لأي بلد يطلب المساعدة، فذلك يدخل ضمن إطار التعاون الإنساني والأخلاقي والإقليمي، لكن المفارقة المؤلمة تكمن في أن الحريق ينشب أحياناً على بعد أمتار فقط من قاعدة جوية، أو من مركز دفاع مدني، ومع ذلك تتأخر الاستجابة أو تكون دون المستوى، كما حدث في حريق “هايبر ماركت الكوت”، و”مجمع الليت”، و”قاعة الموصل”، وسواها من حوادث مؤلمة.
الأرقام لا تكذب، فحين تندلع النيران في مكان مغلق أو مزدحم، يكون الوقت هو العامل الحاسم بين الحياة والموت. وعندما لا تصل فرق الإطفاء في الدقائق الحرجة الأولى، ترتفع الخسائر وتتضاعف الفواجع. ومع تكرار مثل هذه السيناريوهات، أصبح من المشروع التساؤل عن:
• أسباب ضعف الاستجابة السريعة؟
• مدى كفاية التجهيزات البشرية والآلية؟
• هل توجد خطط طوارئ عملية ومجربة؟
• أين تقع المسؤولية في مسألة السلامة والوقاية قبل حدوث الكارثة؟
الاعتراف بالمشكلة هو أول الطريق نحو المعالجة، وما أكثر المبادرات التي يمكن إطلاقها لتعزيز قدرات الدفاع المدني، مثل:
• تحديث أسطول سيارات الإطفاء وتوزيعها جغرافياً بعدالة.
• تدريب الكوادر بشكل مستمر على تقنيات الاستجابة السريعة.
• إلزام الأماكن العامة والاقتصادية بخطط السلامة الوقائية تحت رقابة مشددة.
• تفعيل دور المجتمع المدني في الإبلاغ والتوعية.
لقد أثبتت الكوارث أن لا مكان آمناً دون استباق واستعداد. وكل شهيد يسقط في حريق يمكن اعتباره مؤشراً على فجوة لم تُعالج، أو منظومة لم تُراجع.
ختاماً، لا نحتاج إلى الهجوم أو التشكيك، بل إلى مراجعة موضوعية ومهنية، تحفظ أرواح الناس، وتعيد للدفاع المدني مكانته كمؤسسة قادرة على حماية الوطن من اللهيب، سواء كان داخل الحدود أو خارجها