إمام أوغلو يواجه متاعب قضائية جديدة تهدد مستقبله السياسي

هيئة التحرير12 يوليو 2025آخر تحديث :
إمام أوغلو يواجه متاعب قضائية جديدة تهدد مستقبله السياسي

توجيه تهمة تزوير شهادة جامعية إلى خصم أردوغان في خطوة وصفتها المعارضة التركية بأنها محاولة لتشوية سمعة أوغلو وتصويره كمخالف للقانون

حتى لو لم تتم تأكيد التهمة بحق أوغلو فإن مجرد توجيهها والتحقيق فيها يمكن أن يزرع الشكوك حوله بين الناخبين

تؤدي الإدانة في هذه القضية إلى حرمانه من ممارسة العمل السياسي وهو ما حدث سابقًا مع شخصيات معارضة أخرى أو قد تفرض عليه قيودًا تحد من حركته ونشاطه

تثير هذه القضية تساؤلات حول استقلالية القضاء التركي في وقت تتهم فيه المعارضة ومراقبون الحكومة باستخدام المؤسسات القضائية كأداة لاستهداف الخصوم السياسيين

تختلف ردود الفعل على هذه التهمة في الأوساط التركية إذ يعتبرها أنصار أردوغان دليلًا على فساد المعارضة بينما يراها مؤيدو أوغلو وحزب الشعب الجمهوري على أنها “اضطهاد سياسي

أنقرة / وكالات

 يواجه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو متاعب قضائية جديدة بعد أن وجه له ممثلو الادعاء التركي تهمة تزوير شهادته الجامعية، في قضية جديدة تهدد ألد خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان بقضاء مزيد من السنوات في السجن وتضع مستقبله السياسي على المحك.

وترى المعارضة التركية أن أنقرة تسعى من خلال هذه التهمة إلى تشويه سمعة أوغلو وتصويره كمخالف للقانون، مما قد يؤثر على شعبيته وقدرته على حشد الدعم.

وقد تؤدي الإدانة في هذه القضية إلى حرمانه من ممارسة العمل السياسي، وهو ما حدث سابقًا مع شخصيات معارضة أخرى أو قد تفرض عليه قيودًا تحد من حركته ونشاطه.

وحتى لو لم تتم تأكيد التهمة بحق أوغلو فإن مجرد توجيهها والتحقيق فيها يمكن أن يزرع الشكوك حوله بين الناخبين، فيما تساهم هذه الخطوات في تصعيد التوتر بين الحكومة والمعارضة.

وتثير هذه القضية تساؤلات حول استقلالية القضاء التركي في وقت تتهم فيه المعارضة ومراقبون الحكومة باستخدام المؤسسات القضائية كأداة لاستهداف الخصوم السياسيين، ما يقوض ثقة الجمهور في نزاهة النظام القضائي.

وتختلف ردود الفعل على هذه التهمة في الأوساط التركية، إذ يعتبرها أنصار أردوغان دليلًا على “فساد” المعارضة، بينما يراها مؤيدو أوغلو وحزب “الشعب الجمهوري” على أنها “اضطهاد سياسي” ودليل على “استبداد” السلطة، فيما يعمق هذا الانقسام الشرخ في المجتمع ويزيد من حدة الاستقطاب.

ودخل أوغلو السجن في 23 مارس/آذار على ذمة المحاكمة وينفي التهم الموجهة إليه، والتي يقول حزبه إنها مدبرة لإبقاء أردوغان في السلطة، فيما أثار اعتقاله أعنف احتجاجات شهدتها تركيا منذ عشرة أعوام.

وذكرت صحيفة ”ميليت” أن لائحة الاتهام المتعلقة بالشهادة الجامعية تطالب بعقوبة سجن تصل إلى ثماني سنوات وتسعة أشهر. وفي 18 مارس/آذار، أعلنت جامعة إسطنبول إلغاء شهادة إمام أوغلو. واعتقل في اليوم التالي بتهم تتعلق بالفساد.

وأثار اعتقاله انتقادات لاذعة من أحزاب المعارضة وبعض القادة الدوليين، الذين وصفوا القضية بأنها ذات دوافع سياسية وتتنافى مع الديمقراطية. في حين تنفي الحكومة كون القضية مسيسة.

وإمام أوغلو هو المرشح الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري المعارض في أي انتخابات رئاسية مقبلة. وأعيد انتخابه رئيسا للبلدية في مارس/آذار من العام الماضي بفارق كبير عن مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يرأسه أردوغان.

وفي سياق متصل ذكرت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية ”تي.آر.تي” أن الشرطة احتجزت رئيس بلدية مانافجات في جنوب البلاد اليوم الجمعة في إطار تحقيق يتعلق بقضية فساد، في أحدث حلقة من حملة قضائية تستهدف حزب المعارضة الرئيسي.وقالت المؤسسة إن المدعي العام المحلي يحقق في اتهامات تتعلق بتلقي رشى وفساد في المنطقة التي يديرها حزب الشعب الجمهوري في إقليم أنطاليا الجنوبي، مضيفة أن 33 آخرين من بينهم نواب رؤساء بلديات احتجزوا أيضا.

وعلى صعيد متصل تصاعد التوتر بين تركيا واليونان وليبيا بسبب الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية وتنقيب الغاز في المناطق المتنازع عليها شرق المتوسط، وسط تبادل اتهامات وتصريحات متصاعدة من جميع الأطراف، حيث تؤكد أنقرة تمسكها باتفاق 2019 مع ليبيا، بينما تعارض أثينا هذا الاتفاق وتحشد الدعم الأوروبي لتقوية موقفها.

وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشلي تمسك بلاده بالاتفاق الموقع مع حكومة الوفاق الليبية عام 2019، واصفاً إياه بأنه “اتفاق قانوني وعادل”، وردّ على الانتقادات اليونانية والأوروبية بالقول إن أنقرة “لن تسمح بانتقاص حقوقها السيادية عبر قرارات أحادية”.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية، إن “مذكرة التفاهم وقعت وفقاً لقواعد قانون البحار الدولي، وبما يحمي حقوق البلدين في إطار من الإنصاف، وقد أُبلغت الأمم المتحدة بها من قِبل كل من بلدنا وليبيا”.

وأضاف المسؤول العسكري التركي، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع ، تعليقاً على ما جاء في بيان لقادة دول الاتحاد الأوروبي في ختام قمتهم في بروكسل في 26 يونيو/حزيران الماضي “لا نقبل وصف مذكرة التفاهم بأنها غير قانونية نتيجة للتوجهات السياسية أحادية الجانب لليونان وقبرص”.

وجدد قادة الاتحاد الأوروبي موقفهم السابق من “مذكرة التفاهم” باعتبارها “غير قانونية وتنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تتوافق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية على الدول الثلاث”.

وقال المسؤول العسكري إن “مذكرة التفاهم”، التي وقعها الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس “حكومة الوفاق الوطني” الليبية السابقة فائز السراج في إسطنبول في 27 نوفمبر /تشرين الثاني 2019، “وقعت وفقاً لخط الوسط بين دول البر الرئيسي، ومبدأ عدم الانغلاق، ومبدأ الإنصاف”.

ومن جانبها، تستمر اليونان في التشكيك بشرعية الاتفاق التركي الليبي، حيث أعلن وزير خارجيتها جورج جيرابتريتيس عن زيارة مقبلة إلى ليبيا لبحث ترسيم الحدود وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي ترفض تركيا الانضمام إليها.

وأكدت مصادر يونانية أن “الانتقائية في تطبيق القانون الدولي تهدد الاستقرار”، معربة عن عزم أثينا حماية مصالحها.

وفي تطور مفاجئ، أعلن مجلس النواب الليبي عن نيته التصويت على المصادقة النهائية على الاتفاقية البحرية مع تركيا، رغم معارضته السابقة لها.

وقد قدمت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان طلباً رسمياً للموافقة على الاتفاق، مع تشكيل لجنة فنية لدراسته.

وتصاعدت الأزمة بعد إعلان اليونان عن طرح عطاءات للتنقيب جنوب جزيرة كريت، ما دفع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس إلى استدعاء السفير اليوناني وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة ذلك انتهاكاً لسيادتها.

 

وزادت التوترات مع إعلان اليونان إرسال سفن حربية إلى مياه دولية قبالة السواحل الليبية، بحجة مراقبة تدفقات الهجرة غير النظامية، خاصة من مناطق مثل طبرق التي تشهد نشاطاً متزايداً لعمليات الهجرة.

وقال مفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي ماجنوس برونر إن أوروبا ستتخذ نهجا “حازما” مع السلطات في ليبيا بعد تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط.

ويعتزم برونر السفر إلى ليبيا الأسبوع المقبل مع ممثلي حكومات اليونان وإيطاليا ومالطا، لدفع السلطات الليبية إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لمنع القوارب التي تحمل المهاجرين من الإبحار إلى أوروبا.

وقال برونر في مؤتمر في أثينا “في الواقع هذه قضية تزعجنا كثيرا في الوقت الحالي. ليبيا، بالطبع، على رأس جدول الأعمال، وسنسافر معا إلى ليبيا الأسبوع المقبل لأننا يجب أن نتحرك بسرعة ونكون حازمين”.

وأضاف برونر، الذي ناقش الزيارة القادمة في اجتماع مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن الوفد سيلتقي مع ممثلين عن كل من الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة في غرب ليبيا والسلطة المنافسة لها في شرق البلاد.

ويعود النزاع إلى أواخر 2019 مع توقيع الاتفاق البحري بين تركيا وحكومة الوفاق، الذي واجه رفضاً يونانياً وقبرصياً وأوروبياً. وتجددت الأزمة في أكتوبر 2022 بتوقيع مذكرة تفاهم جديدة تمنح تركيا حقوق التنقيب في المياه الليبية، مما يبقي شرق المتوسط ساحة للتنافس الإقليمي.

وأكدت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط (حكومية)، الأحد الماضي أن الاتفاقيات كافة التي أبرمتها الدولة تستند للقانون الدولي وتخدم مصالح الشعب الليبي.

وأضافت المؤسسة في بيان إنها “تؤكد التزامها الراسخ بتنفيذ برامج الاستكشاف حمايةً لحقوق ليبيا السيادية ومصالحها الوطنية في استكشاف وتطوير الموارد الهيدروكربونية، بما في ذلك في شرق المتوسط”.

وشددت على أن “جميع الاتفاقيات والشراكات التي أبرمتها الدولة الليبية تستند إلى مبادئ القانون الدولي وتخدم المصالح طويلة الأمد للشعب الليبي”.

الى ذلك ومن المنتظر أن يثير طلب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تخصيص 130 مليون دولار لدعم مجموعات مسلحة في سوريا، من بينها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، استياءً متوقعًا في أنقرة، التي تنظر إلى هذا التنظيم الكردي باعتباره الواجهة السورية لحزب العمال الكردستاني، المصنف على قوائم الإرهاب التركية. ويأتي هذا الدعم الأميركي في وقت حساس، يشهد محاولات إقليمية لإعادة ضبط المعادلات الأمنية والعسكرية في سوريا، وسط تقارب ملحوظ بين واشنطن ودمشق.

ووفق وثيقة صادرة عن البنتاغون، فإن التمويل المدرج ضمن موازنة الدفاع للعام المالي 2026 مخصص لتعزيز قدرات مجموعات محلية “شريكة” في محاربة تنظيم داعش، وعلى رأسها “قسد” و”الجيش السوري الحر”، وهو ما تسوّغه واشنطن بأنه ضروري لضمان “الهزيمة الدائمة” للتنظيم الإرهابي ومنع عودته.

لكن هذه الذريعة لا تبدد المخاوف التركية المتكررة من الدعم الأميركي لهذه التشكيلات، خاصة في ظل استمرار تزويد قسد بأسلحة خفيفة، وتقديم رواتب لمقاتليها، بحسب الوثيقة. وترى أنقرة أن قوات سوريا الديمقراطية ، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا، ليست سوى امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي خاضت ضده معارك دامية لعقود.

والمخاوف التركية التي غالبًا ما يُعبّر عنها بمزيج من التنديد الدبلوماسي والضغط الميداني عبر العمليات الحدودية، يتسق مع سياسة أنقرة طويلة الأمد تجاه الدعم الأميركي لقسد. وتعتبر أنقرة هذا الدعم تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتتهم واشنطن بتقويض استقرار المنطقة من خلال تمكين فصائل تعتبرها “إرهابية”.

ويُعتقد أن التصعيد السياسي بين واشنطن وأنقرة قد يتجدد على خلفية هذا القرار رغم العلاقات القوية بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيما وأن أنقرة لطالما ربطت أي تقدم في علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة بوقف الدعم العسكري والمالي لقسد.

في المقابل، تأتي الخطوة الأميركية في وقت تشهد فيه دمشق جهودًا حثيثة لإعادة ضبط المشهد الأمني والعسكري في البلاد، بعد سنوات من التفكك والانقسام. وتسعى السلطات السورية، في إطار رؤية سياسية جديدة، إلى احتواء “قسد” تدريجيًا وحصر السلاح بيد الدولة، سواء عبر التسويات المحلية أو التفاهمات الأمنية، وهو مسار يبدو ضعيقا الآن بفعل استمرار الدعم الأميركي لتلك القوات.

ويقول مراقبون إن أي دعم خارجي لقسد يعزز من موقفها التفاوضي، ويقلل من احتمالية قبولها بتفكيك بنيتها العسكرية أو القبول بإدماجها الكامل في مؤسسات الدولة السورية، خاصة في ظل امتلاكها موارد نفطية ومناطق نفوذ شاسعة بدعم مباشر من القوات الأميركية.

وتُطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كان قرار البنتاغون يعكس تناقضًا في المقاربة الأميركية تجاه الملف السوري، خصوصًا بعد مؤشرات تقارب حذرة بين دمشق وواشنطن ظهرت مؤخرًا، من خلال قرار الإدارة الأميركية رفع بعض العقوبات عن قطاعات في سوريا، وإعادة النظر في تصنيف كيانات على قوائم الإرهاب، فضلًا عن فتح الباب لتعزيز التعاون الاقتصادي والإنساني.

ويذهب بعض المراقبين إلى أن هذا “التقارب النسبي” قد يتعرض لانتكاسة في حال استمرت واشنطن في تمويل جماعات مسلحة خارج إطار الدولة السورية، خصوصًا أن حكومة دمشق تضع في سلّم أولوياتها مسألة بسط السيادة الكاملة على أراضيها وإنهاء أي وجود مسلح غير شرعي، سواء كان بدعم تركي أو أميركي.

وبحسب الوثيقة الأميركية، فإن التمويل يشمل أيضًا نحو 7.4 ملايين دولار لصالح “الجيش السوري الحر” في الجنوب، مع الإشارة إلى إمكانية توسيع عملياته ضد خلايا داعش في منطقة البادية. ويُذكر أن حجم هذا الدعم يشهد تراجعًا تدريجيًا، إذ بلغ 156 مليون دولار في موازنة 2024، وانخفض إلى 147 مليونًا في 2025، وصولًا إلى 130 مليونًا في موازنة 2026.

ورغم هذا التراجع النسبي، إلا أن الاستمرارية في التمويل تعكس تمسك البنتاغون باستراتيجية الشراكة مع قسد، ما قد يُفشل أي حلول داخلية سورية تسعى إلى إغلاق ملف السلاح غير الشرعي، أو إعادة دمج تلك المجموعات ضمن إطار وطني موحّد.

كما أن استمرار تمويل مرافق الاحتجاز التي تضم عناصر داعش، وتحسين ظروف مخيمات النزوح مثل “الهول”، لا يُخفي حقيقة أن السيطرة الفعلية على هذه المنشآت لا تزال بيد قوات غير خاضعة للدولة، ما يطرح تحديًا مزدوجًا أمنيًا وإنسانيًا.

من المتوقع أن ترد أنقرة رسميًا على القرار الأميركي خلال الأيام المقبلة، إما عبر التصريحات الدبلوماسية أو بإجراءات ميدانية على الأرض، كما حصل في السابق. ويخشى من أن يؤدي استمرار هذا النهج الأميركي إلى توسيع الفجوة بين الحليفين في الناتو، وربما إعادة خلط الأوراق في الشمال السوري، الذي يشهد أصلًا تعقيدًا شديدًا بفعل تداخل المصالح الدولية والإقليمية.

في ضوء ما تقدم، يبدو أن قرار الدعم الأميركي الجديد لقسد يأتي في لحظة حرجة، لا على صعيد العلاقات التركية–الأميركية فحسب، بل أيضًا في ما يتعلق بمصير التسويات الأمنية في سوريا، ومساعي احتواء الجماعات المسلحة. وبينما تبرر واشنطن قرارها بـ”ضرورات مكافحة داعش”، تراه دمشق وأنقرة مساسًا مباشرًا بأمنهما القومي وبجهودهما لإعادة الاستقرار إلى منطقة ما تزال رهينة الحسابات الدولية المتضاربة.

عاجل !!