إضاءة معرفية حول كتاب «مرايا النص» للشاعر والكاتب حبيب السامر / حمدي العطار

هيئة التحرير23 أغسطس 2025آخر تحديث :
إضاءة معرفية حول كتاب «مرايا النص» للشاعر والكاتب حبيب السامر / حمدي العطار

يظل الأدب مرآة تكشف لنا ملامح الإنسان ومكامن التجربة الإنسانية، والنقد بدوره نافذة تنعكس من خلالها صور النصوص لتضيء ما خفي من جمالياتها وتعمق حضورها في وعي القارئ. وفي هذا السياق يأتي كتاب «مرايا النص» للشاعر والكاتب حبيب السامر، الصادر عن دار الشؤون الثقافية العامة عام 2025، ليقدم للقارئ رحلة معرفية ونقدية تفتح آفاقا جديدة في فهم النصوص، بل وتضع بين يديه مفاتيح للتأمل والتجريب والإبداع.

النقد عند حبيب السامر

لا يرى السامر النقد أداة للتقويض أو محاكمة النصوص، بل يعده فعل إغناء وحوار، غايته الكشف عن جوهر الإبداع وإبراز قيمته. في مقدمة الكتاب التي حملت عنوان «حقيبة المعرفة الأدبية» يؤكد أن النقد هو مدّ للجسور بين الكاتب والقارئ، ومحاولة لتخفيف ارتباك الموهوبين الجدد عبر تهيئتهم بأدوات ومعايير تساعدهم على بناء ثقتهم بأنفسهم. وهو يرى أن النقد ليس ترفا بل ضرورة لتشكيل حلقات مضيئة من التواصل والإبداع المشترك.

مضامين الكتاب

يقع الكتاب في 224 صفحة من القطع المتوسط، موزعة على ثلاثة أقسام، تتضمن مقالات ودراسات متنوعة. توقف السامر عند نماذج من الكتاب وأنماط الكتابة، محللا خطابها وفق معايير التجديد والحداثة، كما تناول نصوصا قصصية، وفتح مسارات نحو العلوم المعرفية لخلق مختبر إبداعي يستخلص التجارب ويمزجها بحوارات ثرية.

عتبة العنوان والتصدير

يلفت العنوان «مرايا النص» الانتباه بذكائه وإيحائه، فالمرآة هنا ليست سوى النقد نفسه، ذلك الذي يعكس صورة النص بأبعاد جديدة. السامر يعترف بصعوبة اختيار العنوان، مستعينا بمقولة القاص الراحل محمود عبد الوهاب: «العنوان بنية افتقار». ويؤكد أن العنوان هو العتبة الأولى التي تجذب القارئ وتوقعه في أسر النص منذ اللحظة الأولى.

أما التصديرات والاقتباسات فقد وظفها المؤلف بمهارة لإغناء النصوص وتعميق دلالاتها، فاستشهد بدريدا في قوله: «الكتابة إبحار أول بلا عناية»، وبحمزاتوف الذي شبه الكلمة بجواد يهبط من أعالي الجبال فلا معنى لها إن لم تنبع من القلب، وبمحمود عبد الوهاب الذي رأى أن تغيير الكلمات في النص أحيانا يشبه إطلاق النار على الفكرة والكمال.

الخلاصة

إن كتاب «مرايا النص» ليس مجرد مجموعة من المقالات النقدية، بل هو مشروع معرفي يضع القارئ في قلب التجربة الأدبية، ويكشف عن فلسفة السامر في النظر إلى الأدب كحوار دائم لا ينقطع بين الكاتب والنص والقارئ. إنه دعوة مفتوحة إلى إعادة اكتشاف النصوص بوصفها كائنات حية تتنفس في مرايا النقد، وتضيء الدروب أمام المبدعين والقراء على حد سواء.

عاجل !!