تسببت الحرب المدمرة بين الطرفين في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأدت إلى انتشار المجاعة في السودان
لا تزال قوات الدعم السريع تخوض قتالا ضد الجيش في الفاشر العاصمة التاريخية لإقليم دارفور فارضة حصارا مدمرا نشر الجوع في أرجاء المدينة
الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر تدعو إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر لتمكين وصول المساعدات الإنسانية على وجه السرعة على أن يتبعها وقف دائم لإطلاق النار
استهدفت طائرات مسيرة مواقع استراتيجية في العاصمة السودانية الخرطوم بينها مصفاة نفط ومحطة كهرباء ومصنع أسلحة في منطقة الخرطوم
واشنطن / النهار
دعت الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان، لتمكين وصول المساعدات الإنسانية على وجه السرعة على أن يتبعها وقف دائم لإطلاق النار فيما قررت واشنطن فرض عقوبات على وزير سوداني وكتيبة إسلامية مقاتلة موالية للجيش.
وفي بيان مشترك أصدرته الدول الأربع الأكثر نفوذا لدى الطرفين المتحاربين، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية تم اقتراح خارطة طريق لإنهاء الصراع، والدعوة إلى وقف دائم وفوري لإطلاق النار عقب الهدنة وإلى عملية انتقالية مدتها تسعة أشهر لإرساء نظام حُكم يقوده المدنيون.
وتسببت الحرب المدمرة بين الطرفين في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأدت إلى انتشار المجاعة في السودان.
وقال وزراء خارجية الدول الأربع “لا يوجد حل عسكري يمكنه النجاح لهذا النزاع، والوضع القائم يوجد معاناة غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن”
ووُجهت اتهامات للإمارات بدعم قوات الدعم السريع لكن الدولة الخليجية نفتها مرارا. أما مصر، والسعودية بدرجة أقل، فقد دعمتا الجيش.
وعبرت الدول الأربع عن دعمها لوحدة السودان، وذلك في وقت تقيم فيه قوات الدعم السريع حكومة موازية، والتي أدت اليمين العام الماضي. وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور، الذي يعد قاعدة لتلك الحكومة.
ولا تزال قوات الدعم السريع تخوض قتالا ضد الجيش في الفاشر، العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، فارضة حصارا مدمرا نشر الجوع في أرجاء المدينة.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الطرفان المتحاربان سيوافقان على المقترحات. ففي يونيو/حزيران، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى هدنة لمدة أسبوع في الفاشر، وهو نداء قبله الجيش ورفضته قوات الدعم السريع.
ورفض البيان أي دور لجماعة الإخوان المسلمين أو الجماعات المرتبطة بها في السودان، في إشارة واضحة إلى الإسلاميين الذين حكموا البلاد ثلاثة عقود حتى 2019 والذين عادوا للمشهد السياسي خلال الحرب لدعم الجيش.
ولهذا السبب، فرضت الولايات المتحدة الجمعة عقوبات على وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، وهو إسلامي، وكذلك على لواء براء بن مالك، وهي جماعة إسلامية تقاتل إلى جانب الجيش.
وقالت وزارة الخزانة إن أحدث جولة من العقوبات “تهدف إلى الحد من النفوذ الإسلامي داخل السودان وكبح أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار والصراعات ومعاناة المدنيين”.
وأشارت في بيان إلى أن الإسلاميين السودانيين لعبوا دورا بارزا خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير (1989-2019)، كما أسهموا مؤخرا في تقويض مسار الانتقال الديمقراطي، ما فجر القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.
كما اتهم البيان، العناصر الإسلامية، بـ”عرقلة جهود وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وتعزيز علاقاتهم مع إيران وتلقي دعم فني منها” مؤكدا أن العقوبات تأتي “لمحاسبة المسؤولين عن نشر الفوضى والدمار في السودان بمساعدة طهران”.
ويشغل جبريل إبراهيم منصب وزير المالية، ويرأس حركة العدل والمساواة، الموقعة على اتفاق سلام جوبا عام 2020، والتي تقاتل حاليا إلى جانب الجيش.
فيما تُعد كتيبة “البراء بن مالك” إحدى الوحدات المحسوبة على الإسلاميين وقادة النظام السابق، وتشارك في الحرب ضد قوات الدعم السريع.
واستهدفت طائرات مسيرة مواقع استراتيجية في العاصمة السودانية الخرطوم، بينها مصفاة نفط ومحطة كهرباء ومصنع أسلحة في منطقة الخرطوم، بحسب ما أفاد شهود في المواقع المستهدفة وصور على شبكات التواصل الاجتماعي حيث يعتقد ان قوات الدعم السريع تقف وراء العملية.
وأصابت الهجمات التي وقعت قرابة الساعة الخامسة صباحا مجمع اليرموك للصناعات العسكرية إلى جنوب العاصمة، ومصفاة الخرطوم ومحطة كهرباء المرخيات، وفقا للمصادر.
من جهة أخرى، أفاد مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن اسمه عن استهداف قاعدة وادي سيدنا الجوية، موضحا أن “المضادات الأرضية تصدت للمسيرات وأسقطتها”.
وأكد مصدر عسكري آخر استهداف مبنى تابع للجيش السوداني في منطقة بحري شمال الخرطوم “وأحدثت فيه دمارا وإصابات وسط الضباط والجنود”.
وأفاد شهود في أم درمان على الجهة المقابلة للخرطوم من نهر النيل بمشاهدة طائرات مسيرة عبرت بعضها النهر للضفة الأخرى، كما أفاد سكان بأحياء الثورات في أم درمان بانقطاع الكهرباء
وتتصاعد حدة الصراع في البلد الافريقي مع تحوّل ميزان القوى تدريجياً لصالح قوات الدعم السريع، التي باتت تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات موجعة ضد الجيش السوداني، مستهدفة مواقع حيوية واستراتيجية داخل العاصمة وخارجها. ويُشكّل سلاح الطائرات المسيّرة أحد أبرز عناصر التفوق الميداني للدعم السريع، حيث تمكنت عبره من توجيه ضربات دقيقة أربكت صفوف الجيش وأضعفت بنيته اللوجستية في أكثر من محور.
رغم ذلك، يواصل قائد الجيش السوداني الفريق اول عبدالفتاح البرهان التمسك بخيار الحسم العسكري، وهو ما يُنذر بمزيد من التصعيد والانزلاق نحو حرب طويلة الأمد. ويرى مراقبون أن أي رهان على إنهاء النزاع بالقوة يبدو بعيدًا عن الواقع، ما لم يُعاد النظر في مقاربات الحل السياسي التي باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وهنالك العديد من الجهات التي تدعم الجيش السوداني على غرار تركيا وايران كما تتهم الدعم السريع مصر بتقديم دعم عسكري للبرهان عبر شن هجمات على مواقعها وهو ما تنفيه القاهرة التي تدعو للتهدئة وانهاء الحرب وتقديم الدعم الإنساني للمتضررين واللاجئين.
وقالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب العديد من المرات إنها تسعى إلى إنهاء الصراع في السودان، ولكن لم يُحرز تقدم يُذكر حتى الآن رغم فرضها عقوبات على طرفي القتال.
ويسيطر الجيش على الخرطوم منذ مايو/أيار الماضي بعد معارك مع عناصر الدعم السريع التي كانت تسيطر على العاصمة منذ بدء الحرب عام 2023.
ومنذ إخراجها من العاصمة ومدن أخرى حيوية وسط السودان قامت قوات الدعم السريع بمهاجمة مدينة بورت سودان، مقر الحكومة التابعة للجيش، وبعض مناطق الخرطوم، إلى جانب تكثيف هجماتها على إقليم دارفور غربي البلاد والواقع معظمه تحت سيطرتها.
والشهر الماضي أدى محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع اليمين رئيسا لحكومة سودانية موازية وذلك في تطور يدفع البلاد خطوة أخرى نحو التقسيم الفعلي.
وبدأت وزارة الصحة الليبية في إعداد خطة طوارئ وطنية لمجابهة وباء “الكوليرا”، مع التركيز على مدينة الكفرة، خشية انتقال الوباء الذي تفشى في ولايات بإقليم دارفور (غرب السودان)، المتاخم لمدينة الكفرة الحدودية.
وتشكو وزارة الصحة بالحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد من ضعف الاستجابة الدولية لتوفير الاحتياجات اللازمة في مدينة الكفرة التي تشهد اكتظاظا حادا باللاجئين السودانيين، وسط إعلان حالة الطوارئ لمنع تسلل داء الكوليرا المعدي مع النازحين المتدفقين إلى الأراضي الليبية.
وقال رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة المكلفة من مجلس النواب إسماعيل العيضة، إن القيادة العامة في بنغازي قدمت دعماً واسعاً، شمل توفير بعض الاحتياجات الأساسية لمواجهة الوضع.
وأوضح أن عدد النازحين واللاجئين السودانيين في الكفرة يفوق 65 ألف شخص، مقابل نحو 60 ألف نسمة من السكان المحليين، ما يشكل ضغطاً كبيراً على الخدمات الصحية والمرافق في المدينة.
وأشار العيضة إلى ضعف الاستجابة الدولية لتوفير الاحتياجات الطبية واللوجستية، مؤكداً في الوقت نفسه عدم تسجيل أي حالة إصابة بالكوليرا بين الوافدين السودانيين حتى الآن.
وأضاف أن السلطات بدأت تفعيل آليات التقصي والرصد والاستجابة السريعة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والمنظمة الدولية للهجرة، وتوفير مشغلات الكشف عن الكوليرا، عبر فرق طبية تجوب تجمعات النازحين.
وذكر أن الزيارات الدولية السابقة لعدد من المسؤولين الأمميين، وتعهدهم بتقديم خدمات للنازحين، غير أنه لم يقدم دعما إلا بقيمة 10 بالمئة فقط، مما وعدوا به وباقي الخدمات مقدمة من الحكومة المكلفة من مجلس النواب متمثلة في وزارة الصحة والوزارات الأخرى المختصة.
وحول التنسيق مع السودان، أوضح العيضة أن التعليمات العسكرية الليبية تقضي بتصنيف اللاجئين السودانيين كنازحين، مع التعامل معهم بنفس حقوق ومساندة أي نازح ليبي، بالرغم من الانقسام السياسي الداخلي الذي أثر على القطاع الصحي.
بدورها، وعدت المنظمات الدولية بتوظيف عناصر طبية في المدينة الآن التي يصل تعدادها لقرابة 130 ألف مواطن، لكن العناصر الطبية المتواجدين فيها قليلة جدا، على الرغم من الاستعانة بموظفين من السودان بعقود عمل، وفق العيضة.
وتأتي التحركات الليبية بعد إعلان تنسيقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور بالسودان الإثنين، عن تسجيل 177 إصابة جديدة و7 وفيات بالكوليرا، ليصل إجمالي الإصابات منذ تفشي المرض إلى 9 آلاف و326 حالة، بينها 389 وفاة، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة الصراع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.
وأضافت التنسيقية أن “الكوليرا تواصل التفشي في مناطق واسعة من الإقليم، خاصة في مخيمات النازحين في طويلة، وجبل مرة، ونيالا، وزالنجي، ومحلية شعيرية”. حيث تُعد محلية طويلة (غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور) الأكثر تضرراً، بإجمالي 5 آلاف و11 إصابة، و77 وفاة، مع تسجيل 42 حالة جديدة، ووجود 41 شخصاً في مراكز العزل.
والكوليرا مرض بكتيري عادة ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث، ويتسبَّب في الإصابة بإسهال وجفاف شديد. وإذا لم يجر علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في أغسطس/آب الماضي، تسجيل نحو 100 ألف حالة إصابة بالكوليرا منذ يوليو/تموز 2024 في السودان، محذرة من تفاقم سوء التغذية ونزوح السكان وانتشار الأمراض في المناطق المتأثرة.
وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، في مؤتمر صحفي في جنيف “في السودان، تسبب العنف المستمر بمجاعة وأمراض ومعاناة واسعة النطاق”. وأضاف “انتشر وباء الكوليرا في السودان، حيث أبلغت كل الولايات عن تفشيه. وأوضح تيدروس أنه جرى إجراء حملات تطعيم ضد الكوليرا في عدة ولايات، بينها العاصمة الخرطوم.