أزمات المياه في خضم النزاعات وتغيّر المناخ الأحواض المائية العابرة للحدود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اعداد / مروى داوودي

هيئة التحرير12 نوفمبر 2025آخر تحديث :
A Syrian man walks amidst drought and low water levels in the Euphrates River, in the western countryside of Tabqa in Syria's Raqqa governorate, on November 22, 2022. (Photo by Delil SOULEIMAN / AFP)
A Syrian man walks amidst drought and low water levels in the Euphrates River, in the western countryside of Tabqa in Syria's Raqqa governorate, on November 22, 2022. (Photo by Delil SOULEIMAN / AFP)

الحلقة الرابعة

وعلى غرار أزمة إدارة النفايات التي أدّت إلى انطلاق حركة “طلعت ريحكتم”، شكّلت حملة مرج بسري صورة مصغّرة عن النظام الاجتماعي السياسي اللبناني، ولا سيما في إطار السباق الدائم للحصول على الموارد. فالإساءة إلى التراث الطبيعي اللبناني هي معركة أخرى بين أعضاء النخبة السياسية الحاكمة في البلاد لا تراعي مخاوف المواطنين المتأثّرين والناشطين البيئيين على السواء. بل أضحت البيئة ساحة قتال بالوكالة لقضايا سياسية أوسع، ويتمّ فيها تجاهل حقّ المواطنين في إبداء رأيهم حول قضايا الشأن العام. وعلى ضوء هذا الواقع، يُعدّ السعي إلى تحقيق العدالة البيئية المسار الأفضل لتركيز اهتمام الناشطين على هدف واضح ونهائي، ما يعزّز قدرتهم على مقاومة جميع المساعي الرامية إلى تقويض جهودهم.
أصبحت المخاطر الطبيعية المناخية مشكلة حرجة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة ومنها سلطنة عُمان. لقد تسبّبت عوامل متضافرة، مثل المناخ الجاف، ودرجات الحرارة القصوى، والأمطار الموسمية المحدودة الكمية، والمساحة الصحراوية الشاسعة، بخسائر اقتصادية وتداعيات اجتماعية مختلفة. وكذلك يمكن أن تؤثّر فترات الجفاف المطوّلة، وهي أيضًا من السمات المتكرّرة للمناخات القاحلة، في مصادر المياه التي تغذّي طبقات المياه الجوفية.

سلطنة عُمان معرَّضة بوجه خاص لهذه المخاطر المناخية نظرًا إلى عوامل عدّة. في الواقع، تفتقر مناطق واسعة في البلاد إلى الموارد المائية؛ ففي أجزاء من الشمال، لا يمكن الحصول على المياه إلا من القنوات المائية التقليدية التي هي من صنع الإنسان، والمعروفة بالأفلاج. وللبلاد أيضًا موارد محدودة من المياه العذبة، لذا تُعدّ المياه الجوفية مصدرها الأساسي للريّ والمياه العذبة. وتشكّل نُظم كثيرة للمياه الجوفية – بما في ذلك طبقات المياه الجوفية الكربونية في شمال ووسط جبال الحجر، وطبقات المياه الجوفية من الحجر الرملي في الجبال الشرقية والجنوبية، وطبقات المياه الجوفية الرسوبية في السهول والوديان الساحلية – مصادر مائية أساسية لعُمان، ما يوفّر المياه الجوفية للاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية. المؤسف أن الطلب المتزايد على المياه الجوفية، مقرونًا بتبعات تغيّر المناخ، يحفّز عوامل مثل الاستهلاك الواسع، والملوحة، والتلوّث، التي تهدّد طبقات المياه الجوفية الحيوية في البلاد. وقد أثار ذلك مخاوف كبيرة بشأن الطرق التي سيتسبّب بها تغيّر المناخ باشتداد التداعيات على المياه الجوفية. يُظهر الشكل 1 التباين في توافر المياه لكلّ مستجمع مائي في عُمان.

يستكشف هذا الفصل تأثيرات تغيّر المناخ على الموارد المائية في سلطنة عُمان والأُطر والسياسات المؤسسية لإدارة الموارد المائية في البلاد.

تغيّر المناخ والتحديات المائية
تلفت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، في تقريرها التقييمي الخامس، إلى أن تغيّر المناخ سيتسبّب بخفض موارد المياه السطحية والجوفية القابلة للتجديد، ما يزيد من حدّة التنافس على المياه بشكلٍ أكبر من العوامل الأخرى مثل الزيادة السكانية، وتغيير استخدام الأراضي، والتلوث، والممارسات غير الملائمة في إدارة الموارد المائية. وسيؤدّي تغيّر المناخ أيضًا إلى زيادة مخاطر الغمر بالمياه، والفيضانات الساحلية، والتآكل الساحلي في النُظم الساحلية والمناطق المنخفضة. وتقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، في تقريرها التقييمي السادس: “من المتوقع أن تزداد تغذية المياه الجوفية في بعض المناطق شبه القاحلة، ولكن الاستنزاف العالمي لمخزون المياه الجوفية غير القابلة للتجديد سيستمر بسبب زيادة الطلب على المياه الجوفية (تتراوح درجة موثوقية هذا التوقع من متوسطة إلى مرتفعة)”. وأشارت تقديرات الهيئة أيضًا إلى زيادة في النسبة العالمية السنوية للأعاصير المدارية الشديدة (المصنَّفة في الفئات من 3 إلى 5) بمقدار 1 إلى 10 في المئة تقريبًا، على افتراض ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتَين مئويتَين. ومن المرجّح أن تحدُث أعاصير مدارية أكثر شدّة في بحر العرب، على الرغم من أن تواترها العالمي سينخفض أو يبقى على حاله. تقع عُمان على الخط الساحلي لبحر العرب وتتأثّر بأعاصير بحر العرب في موسمَين اثنَين: ما قبل الرياح الموسمية وما بعد الرياح الموسمية. وتُظهر السجلات ازدياد حدّة الأعاصير المدارية في بحر العرب، مع بلوغ عددٍ كبير من هذه الأعاصير اليابسة في سلطنة عُمان.

علاوةً على ذلك، ازداد منذ العام 2007 عدد الأعاصير المدارية المصنَّفة من الفئة 3 إلى الفئة 5 التي بلغت اليابسة في عُمان. فعلى سبيل المثال، في العام 2019، ضرب إعصار شاهين اليابسة في شمال عُمان من خلال اتّباعه مسارًا نادرًا عبر بحر خليج عُمان. يُشار إلى أن آخر إعصار سُجِّل في المسار نفسه كان في العام 1890. وقد تسبّب الإعصار بكارثة في المنطقة المتضررة بسبب الفيضانات الطوفانية الشديدة. وبلغ معدّل هطول الأمطار المرتفع الذي سُجِّل يوم وصول الإعصار إلى اليابسة 350 ميلمترًا في عشر ساعات. وإعصار غونو في العام 2007، المصنَّف في الفئة 5، هو الإعصار الوحيد الذي سُجِّل خلال المئة عام الأخيرة في بحر العرب وبلغ اليابسة في شمال عُمان، متسبِّبًا بأضرار هائلة في مسقط.

تبعًا لذلك، يمكن أن يؤدّي تغيّر المناخ إلى تبدّل أنماط المتساقطات، ما يؤثّر في كميات الأمطار وغزارتها وتوزّعها في عُمان. ويؤدّي تراجع كمية المتساقطات أو التغييرات في أنماط هطول الأمطار إلى انخفاض تغذية المياه الجوفية وتفاقم مشكلات ندرة المياه، ما يؤثّر في معدّلات تغذية المياه الجوفية وتجديد طبقات المياه الجوفية. وتُظهر السجلات أنه سبق لسلطنة عُمان أن شهدت عددًا من مواسم الجفاف المطوّلة

هطول الأمطار في سلطنة عُمان غير مستقر ومحدود جدًّا، وبعض السنوات تتخلّلها فترات تشهد تساقط الأمطار بغزارة. يُظهر الشكل 2 الاختلاف في معدّلات الأمطار في ثلاث محطات مختلفة في عُمان (مسقط، وسَيق في جبال الحجر الشرقية، وصلالة في جنوب البلاد). ويوجز الجدول 2 بيانات هطول الأمطار من المحطات المختلفة الثلاث نفسها بين العامَين 1980 و2020.

 

تترتّب عن موجات الجفاف في عُمان تداعيات اجتماعية اقتصادية على السكان المحليين، ولا سيما في ما يتعلق بنظام الري، والزراعة، ورعي الحيوانات في القرى العُمانية. وفي الوقت نفسه، تُبيّن السجلات التاريخية زيادة تواتر الأعاصير المدارية العالية الحدّة التي تبلغ اليابسة في عُمان. وقد ألحقت هذه الأعاصير المدارية، التي يمكن أن تتسبّب بفيضانات طوفانية شديدة ورياح عاتية، أضرارًا فادحة بالبنى التحتية في عُمان مرّات عدّة. ولكن على الرغم من خطر حدوث ضرر، تؤثّر الظواهر المناخية القاسية إيجابًا في طبقات المياه الجوفية في البلاد. على سبيل المثال، يقول الخبراء إن الإعصار المداري شاهين في العام 2021 أدّى إلى زيادة كمية المياه الجوفية في منطقة الباطنة. وفي المجمل، قد يكون حجم تغذية المياه الجوفية أكثر استقرارًا واستدامةً في الواقع.

تتم تغذية المياه الجوفية في عُمان من خلال هطول الأمطار وتسرّب مياه الفيضانات، في إشارةٍ إلى مياه الفيضانات الطوفانية التي تبقى على السطح لبضعة أيام ولكنها تتغلغل في نهاية المطاف في جوف الأرض من جديد. لكن معدّلات تغذية المياه الجوفية تتباين إلى حدٍّ كبير في أنحاء البلاد بسبب الاختلافات في المتساقطات، والطبيعة الجيولوجية واستخدام الأراضي. كذلك، يمكن أن يؤدّي ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بتغيّر المناخ إلى زيادة معدّلات التبخّر، ما يسفر عن خسارة كميات إضافية من المياه الجوفية. ويمكن أن يتسبّب ارتفاع معدّلات التبخّر بتراجع توافر المياه وزيادة استنزاف مخزون طبقات المياه الجوفية. ويُعَدّ نضوب طبقات المياه الجوفية مشكلة كبيرة في سلطنة عُمان، ولا سيما في المناطق الساحلية حيث تُضَخّ المياه الجوفية بمعدّلات غير مستدامة. ووفقًا لدراسة أجرتها وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، تراجع منسوب المياه الجوفية بمقدار 10 أمتار في بعض المناطق خلال العقود القليلة الماضية.

الملوحة هي أيضًا مشكلة بالغة الأهمية في عُمان بسبب سوء إدارة نُظم الري. تُستخرَج المياه من طبقات المياه الجوفية من خلال آبار تُستخدَم لأغراض متعدّدة، بما في ذلك تأمين مياه الشرب، وريّ المزروعات، والاستخدام الصناعي. ولكن الاستغلال الجائر للمياه الجوفية قد يؤدّي إلى استنزاف الموارد المائية وتسرّب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية العذبة، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام. ويمكن أن يؤول ارتفاع منسوب مياه البحر أيضًا إلى تفاقم اختلاط المياه المالحة بطبقات المياه الجوفية الساحلية. فمع ارتفاع منسوب مياه البحر، يمكن أن تتسرّب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، فتصبح غير صالحة للاستعمال. وقد يطرح ذلك تحدّيات كبيرة لإدارة الموارد المائية في المناطق الساحلية في عُمان. على سبيل المثال، يُعدّ ازدياد الطلب على المياه لأغراض الزراعة وللاستخدامات المحلية والصناعية والسياحية السببَ الأساسي لتدهور نوعية مياه الطبقات الجوفية الساحلية في صلالة. إضافةً على ذلك، أدّى التسرب الجانبي للمياه المالحة من الصخور الكلسية في الجهتَين الشرقية والغربية لطبقة المياه الجوفية إلى تملّح الجزء الأوسط منها.

الموارد المائية والقواعد التنظيمية في عُمان
تُصنَّف سلطنة عُمان من بين الدول التي تعاني من ندرة في المياه، إذ تمتلك موارد محدودة من المياه العذبة ولا يتجاوز متوسط معدّلات هطول الأمطار فيها حوالى 100 مليمتر سنويًا. لذا، تُعدّ الإدارة المستدامة لطبقات المياه الجوفية أساسية لتلبية حاجات البلاد من المياه. هذا ويبلغ نصيب الفرد من إمدادات المياه العذبة المتجدّدة حوالى 330 مترًا مكعبًا سنويًا، وتشكّل المياه الجوفية المصدر الأساسي لنحو 70 في المئة من إجمالي المياه المُستخدمة في عُمان. عمومًا، تميل كميات الأمطار المحدودة إلى الهطول على مساحات صغيرة فقط، ولا توفر ما يكفي من المياه لزراعة الأراضي الجافة، أو الزراعة التي لا تعتمد على الريّ. تعتبر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن المياه الجوفية تشكّل المصدر الرئيس والأكثر موثوقيةً للمياه في سلطنة عُمان. مع ذلك، تحتضن الأودية في عُمان بعض المصادر المهمة للمياه السطحية، على غرار ضيقة وقريات في شمال عُمان، حيث تتدفّق المياه بمعدّل 60 مليون متر مكعب سنويًا، ووادي حلفين الذي تتجمّع مياهه في مساحة ضخمة تتجاوز 4,000 كيلومتر مربع.

يتم الحصول على المياه المخصّصة للريّ في المقام الأول من الخزانات الضحلة ومن مسارات تدفّق المياه الجوفية. لكن الطلب المتنامي على المياه الجوفية، إلى جانب التداعيات الناجمة عن تغيّر المناخ، أدّى إلى إجهاد طبقات المياه الجوفية في البلاد. كذلك، يتسبّب الإفراط في استخراج المياه ونقص القواعد التنظيمية إلى استنزاف المياه الجوفية بوتيرة غير مستدامة.

ينظّم المرسوم السلطاني رقم 40/2023، الذي صدر منذ فترة وجيزة، قطاع المياه والصرف الصحي، ويحدّد أحد عشر نشاطًا لا يجوز لأي شخص مزاولتها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك، وتشمل هذه الأنشطة ما يلي: إنتاج المياه ونقلها والتزويد بها، إضافةً إلى جمع مياه الصرف الصحي ونقلها، ومعالجتها وتصريفها. ويهدف هذا القانون أيضًا إلى تحسين نظام إدارة المخلّفات من خلال منع تصريف المخلّفات الناتجة عن الأنشطة التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو الطبية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة. وتسري أحكام هذا القانون أيضًا على إنتاج مياه الآبار أو نقلها أو التزويد بها، وتهدف إلى تحسين نوعية هذه المياه.

علاوةً على ذلك، يهدف القانون الجديد إلى استكشاف وتطوير مصادر مياه بديلة لتقليص الاعتماد على الإمدادات المحدودة، وتحسين تخزين المياه للتخفيف من تأثيرات التغيّرات في أنماط هطول الأمطار وموجات الجفاف، واتّخاذ تدابير للحفاظ على جودة المياه وحمايتها من التلوّث. وقد يشمل ذلك تطبيق أفضل الممارسات لإدارة قطاعَي الزراعة والصناعة، ومياه الجريان السطحي، والمسطّحات المائية، والنُظم الإيكولوجية. ويسعى القانون أيضًا إلى المساعدة على تعزيز أواصر التعاون والانخراط مع مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتمعات المحلية ومستخدِمي المياه، من أجل رفع مستوى الوعي حول تداعيات تغيّر المناخ على الموارد المائية وإشراكهم في عملية اتّخاذ القرارات. وستتمكّن السلطات، بفضل أنظمة المراقبة الصارمة، من تعقّب التغيّرات التي تطرأ على الموارد المائية وتتبّع مدى فعالية التدابير الجديدة، ومراجعة استراتيجيات إدارة المياه وتحديثها بصورة منتظمة، استنادًا إلى المعلومات الجديدة والظروف المناخية المتغيّرة. وفي نهاية المطاف، سيعزّز القانون قدرة المؤسسات المعنية بإدارة المياه على إدراج الاعتبارات المتعلقة بتغيّر المناخ في صُلب سياساتها وممارساتها.

تحصين عُمان من المخاطر المناخية
التحصين من المخاطر المناخية هو مقاربة جديدة لفهم تبِعات تغيّر المناخ على التنمية الاجتماعية الاقتصادية من خلال تحديد أفضل التدابير للحدّ من الأضرار الناجمة عن تغيّر المناخ في منطقة معيّنة. وقد عرّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي استراتيجية التحصين من المخاطر المناخية بما يلي:

“مفهوم يهدف إلى تحديد المخاطر التي تواجه أي مشروع تنموي، أو مورد طبيعي أو بشري، نتيجة تقلّب المناخ وتغيّره، وإلى ضمان تقليص هذه المخاطر إلى مستويات مقبولة من خلال إجراء تغييرات طويلة الأمد تكون سليمة بيئيًا ومُجدية اقتصاديًا ومقبولة اجتماعيًا، على أن تُنفَّذ خلال مرحلة واحدة أو أكثر من مراحل المشروع: التخطيط والتصميم، والبناء، والتشغيل، ووقف التشغيل”.

بعبارة أخرى، تنطوي هذه الاستراتيجية على إدماج المخاطر والفرص السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمختلف سيناريوهات تغيّر المناخ بصورة مباشرة في عملية تصميم البنى التحتية وتشغيلها وصيانتها.

يتطلّب تحصين الموارد المائية من المخاطر المناخية وضع الاستراتيجيات واتّخاذ التدابير اللازمة لضمان قدرة الموارد والنُظم المائية على الصمود أمام التداعيات الناجمة عن تغيّر المناخ والتكيُّف معها. وإضافةً إلى التحصين من المخاطر المناخية عمومًا، لا بدّ من إدماج الاعتبارات المتعلّقة بتغيّر المناخ في مختلف مراحل تخطيط وتصميم وتشغيل البنى التحتية والممارسات المتعلقة بإدارة الموارد المائية. وتستند هذه العملية إلى ركيزتَين (هما التخفيف من حدة التداعيات الناجمة عن تغيّر المناخ، والتكيّف معها)، وتنطوي على مرحلتَين (هما الرصد، والتحليل المفصّل).

من الممكن تحصين النُظم المائية من المخاطر المناخية في عُمان من خلال اتّخاذ الخطوات التالية:

إجراء تقييم شامل لتأثيرات تغيّر المناخ على نظام مائي محدّد. لتطبيق سياسات أفضل من أجل إدارة الموارد المائية في عُمان، من الضروري فهم المخاطر التي تواجهها البلاد، ومن ضمنها ارتفاع درجات الحرارة، وتغيّر أنماط هطول الأمطار، وارتفاع منسوب مياه البحر، والظواهر الجوية المتطرّفة. قد يساعد في ذلك أيضًا تحديد المناطق المعرّضة بشدّة لخطر استنزاف المياه الجوفية وغيرها من المخاطر، مثل التلوّث الناجم عن السياسات التنموية.
تطوير خطط لإدارة المياه في إطار مختلف سيناريوهات تغيّر المناخ ودراسة تداعياتها المحتملة على توافر المياه، وجودتها، وبنيتها التحتية. تشمل هذه الخطط الاحتياطية التفكير في تعديل الطلب على المياه، وتحديد أفضل الطرق لتوزيع المياه، وعرض موارد مائية بديلة. تعتزم عُمان وضع إطار تنظيمي لإدارة المياه الجوفية واستخدامها من خلال تطبيق نظام الحصص المائية التي يمكن استخراجها، لرصد ومراقبة استنزاف طبقات المياه الجوفية، مع إيلاء أولوية قصوى إلى المناطق المستنزفة في منطقة الباطنة في شمال عُمان، حيث يُعدّ الطلب على المياه الجوفية مرتفعًا على وجه الخصوص.
التشجيع على الحفاظ على المياه واتّباع ممارسات فعّالة لتخفيف الطلب عليها، وتعزيز صمود الإمدادات المائية وتحسين كفاءة استخدامها. قد تنطوي هذه العملية على تطبيق تقنيات تضمن كفاءة استخدام المياه، والتشجيع على اتّباع ممارسات لترشيد استهلاكها، واتخاذ التدابير اللازمة لإدارة الطلب عليها.
خاتمة
نظرًا إلى هطول الأمطار المحدود وندرة الموارد المائية في عُمان، تُعدّ السلطنة عرضةً للتأثّر بشكلٍ خاص بتداعيات تغيّر المناخ. فقد أجهد اعتماد البلاد على طبقات المياه الجوفية إمدادات المياه وفاقم أزمتها المائية. لذلك، من الضروري ضمان الإدارة المستدامة للموارد المائية في مواجهة تغيّر المناخ

عاجل !!