آفاق التسوية لنزاع الصحراء المغربية .. ودعم برتغالي للحل المغربي في الصحراء يعزز موقف المملكة

هيئة التحرير23 يوليو 2025آخر تحديث :
آفاق التسوية لنزاع الصحراء المغربية .. ودعم برتغالي للحل المغربي في الصحراء يعزز موقف المملكة

آفاق التسوية لنزاع الصحراء المغربية .. ودعم برتغالي للحل المغربي في الصحراء يعزز موقف المملكة

ترجع جذور مشكل الصحراء إلى عام 1975 عندما انسحبت إسبانيا من مستعمرتها الصحراوية التي احتلتها عام 1884

انضمت البرتغال إلى قائمة الدول التي تدعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية تحت سيادة المملكة كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل

بَسَطَ المغرب سيطرته على إقليم الساقية الحمراء بعاصمته العيون في حين سيطرت موريتانيا على إقليم وادي الذهب بعاصمته الداخلة

ما تزال أزمة “الصحراء المغربية” تشكل عقبةً أمام تحسين العلاقات بين المغرب والجزائر فضلاً عن تطوير منظومة اتحاد المغرب العربي

تراجُع الوزن الدبلوماسي للجمهورية الصحراوية التي كانت تَعترف بها ثمانون دولة في العالم بما فيها أغلب بلدان الاتحاد الأفريقي

 

وكالات / النهار

ترجع جذور مشكل الصحراء إلى عام 1975 عندما انسحبت إسبانيا من مستعمرتها الصحراوية التي احتلتها عام 1884. ففي 14 نوفمبر 1975 اتفقت إسبانيا مع المغرب والجزائر على الانسحاب الإسباني من الصحراء لصالح البلدين. وتم الاتفاق، بعد صدور حكم من محكمة العدل الدولية في لاهاي، لصالح المغرب وموريتانيا، وبعد تنظيم المغرب المسيرة الخضراء إلى الأقاليم الصحراوية في 6 نوفمبر 1975.

وهكذا بَسَطَ المغرب سيطرته على إقليم الساقية الحمراء بعاصمته العيون، في حين سيطرت موريتانيا على إقليم وادي الذهب بعاصمته الداخلة. وقد عارضت الجزائر اتفاق مدريد، وتبنّت حركة البوليساريو الانفصالية المسلحة، ورعت قيام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” التي أُعلِنت من مدينة تندوف الجزائرية في 27 فبراير 1976. وبعد خروج موريتانيا من إقليم وادي الذهب إثر اتفاق موقع مع جبهة البوليساريو في أغسطس 1979 بسطت القوات المغربية كامل سيطرتها على الإقليم الصحراوي، أي منطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب. واستمرت المواجهات العسكرية ما بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى حدود يناير 1991، بعد اتفاق الجهتين تحت رعاية الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار، والشروع في تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء.

ومع أن المغرب انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية، بعد انضمام الجمهورية الصحراوية لها عام 1984، إلا أن فكرة تنظيم الاستفتاء في الأقاليم الصحراوية هي في أصلها مبادرة من الملك الحسن الثاني تقدم بها للقمة الأفريقية المنعقدة في نيروبي عام 1981، وقد أراده الملك الراحل استفتاءً تأكيدياً على مغربية الصحراء، وطرحه في لقاءات مباشرة مع بعض زعماء الجبهة الانفصالية. ثم عُقدت جولات عديدة من المفاوضات بين الأطراف المعنية بنزاع الصحراء تحت رعاية الأمم المتحدة، وجرت محاولات كثيرة لتنظيم الاستفتاء اصطدمت بعقبات صعبة من حيث معايير تحديد المشاركين في الاستفتاء من القبائل الصحراوية الموزعة بين المغرب ومخيمات اللاجئين في تندوف وشمال موريتانيا. وأمام انسداد آفاق التسوية طرح المغرب مبادرة جديدة للحكم الذاتي في الصحراء عام 2007، تقدم بها إلى الأمم المتحدة وطرحها في الأروقة الأفريقية بعد استئناف عضويته في الاتحاد الأفريقي عام 2017.

ومع أن جبهة البوليساريو أعلنت في نوفمبر 2020 العودة إلى الحرب، رداً على سيطرة المغرب على معبر الكركرات الرابط بين الحدود المغربية والموريتانية، إلا أن الموقف لم يتغير عملياً على الأرض، ولا يزال خيار وقف إطلاق النار والتفاوض حول التسوية في إطار الاستفتاء الذاتي هو الخيار المطروح دولياً، رغم ما يصطدم به من عقبات كثيرة.

شهد نزاع الصحراء في الآونة الأخيرة حقائق ومعطيات مهمة، كما يأتي:

تراجُع الوزن الدبلوماسي للجمهورية الصحراوية التي كانت تَعترف بها ثمانون دولة في العالم بما فيها أغلب بلدان الاتحاد الأفريقي، وقد سحب معظم هذه الدول اعترافها، ولم تعد تعترف بها إلا 29 دولة في العالم، أغلبها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. وقد أضعف هذا الوضع جلياً هامش المناورة المتاح للجبهة الانفصالية وداعمها الجزائري.

الْتحاق عشرات القيادات الصحراوية بالمغرب، بما فيها زعامات مؤسِّسة لجبهة البوليساريو، مع تنامي الاتجاه الداعم لخيار الحل الذاتي حتى في الأوساط الصحراوية خارج المغرب.

اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء، بحسب توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في ديسمبر 2020. ولا يبدو أن إدارة بايدن ستُراجع هذا القرار الذي له أثره القوي على طبيعة الحلول الممكنة في الصحراء، وقد تتأثر به بعض الدول الغربية الأخرى بحسب المؤشرات القائمة.

فتْح 21 قنصلية في المدن الصحراوية المغربية أغلبها لدول عربية وأفريقية، بما يعزز الموقع الدبلوماسي المغربي في أي مبادرة تفاوضية مستقبلية.

بروز مؤشرات قوية على عدم استعداد الجزائر، التي تمر بلحظة انتقالية معقدة، لدعم استئناف الحرب في الصحراء، بما سينعكس سلباً على قدرة وحدات البوليساريو على العودة إلى المواجهة المسلحة مع المغرب.

وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن تأكيد حقيقتين أساسيتين، هما:

فشل مبادرة الاستفتاء الذاتي المفتوح في الصحراء التي طرحتها هيئة الأمم المتحدة عام 1991، فمن البديهي أن الاستفتاء لن يكون إلا تشريعاً لحل سياسي مسبق وليس تقريراً للمصير على غرار استفتاءات سابقة رعتها الأمم المتحدة في مناطق أخرى من العالم.

أن المغرب يتمتع بأبرز أوراق القوة الرابحة في ملف الصحراء، وقد طرح خيار الحكم الذاتي الموسع حلاً سياسياً قابلاً للتفاوض في حدوده وصيغه الإجرائية، مع اشتراط مبدأ السيادة دون تفصيلات ثانوية.

 

 

آفاق الحل في الصحراء

 

يمكن تبيُّن ثلاثة سيناريوهات في مشهد التسوية في الصحراء:

سيناريو الحل التفاوضي وفق المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مع توسيع الصلاحيات والحقوق المقترحة، وضمان مصالح الجزائر وموريتانيا باعتبارهما طرفين مَعنيين بالنزاع. ويتبنّى بعض الأطراف الصحراوية هذا الخيار، ويدعمه بعض الدول الأوربية الرئيسة، ويبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة يدعمه، وقد اقترحه بصفة رسمية على الجزائر والبوليساريو اللذين لا يزالان يرفضانه بقوة.

سيناريو عودة الحرب والاحتقان، الذي يدلُّ عليه بعض المؤشرات مثل إعلان البوليساريو استئناف المواجهة المسلحة، وتصاعُد بعض الأصوات الراديكالية من القيادات العسكرية والسياسية الجزائرية. إلا أن هذا السيناريو مستبعدٌ حالياً نتيجة ضعف القدرات العسكرية للبوليساريو، وعدم استعداد الجزائر لحرب جديدة بالوكالة مع المغرب.

سيناريو جمود الوضع واستمرار الأزمة دون حل، وهو سيناريو مطروح ومحتمل وإنْ كانت تكلفته باهظة على كل الأطراف، وأخطاره الإقليمية والدولية عديدة.

لا تزال أزمة “الصحراء المغربية” تشكل عقبةً أمام تحسين العلاقات بين المغرب والجزائر، فضلاً عن تطوير منظومة اتحاد المغرب العربي، والأهم تعزيز استقرار منطقة الساحل والصحراء.

لا يزال خيار وقف إطلاق النار والتفاوض حول التسوية في إطار الاستفتاء الذاتي هو الخيار المطروح دولياً رغم ما يصطدم به من عقبات كثيرة.  وفي الآونة الأخيرة تكرَّست معطيات مهمة تصبُّ في مصلحة الموقف المغربي، أهمها: اعتراف إدارة ترمب السابقة بسيادة المغرب على الصحراء وعدم تراجع إدارة بايدن عن هذا القرار، وفتح 21 قنصلية في المدن الصحراوية المغربية.

السيناريوهان المحتملان هما جمود الوضع واستمرار الأزمة دون حل، والحل التفاوضي وفق المبادرة المغربية للحكم الذاتي مع توسيع الصلاحيات والحقوق المقترحة وضمان مصالح الجزائر وموريتانيا كطرفين مَعنيين بالنزاع. وتتبنَّى بعض الأطراف الصحراوية هذا الخيار، وتدعمه بعض الدول الأوروبية الرئيسة، ويبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة يدعمه، وقد اقترحه بصفة رسمية على الجزائر والبوليساريو اللذين لا يزالان يرفضانه.

لا يمكن أن يتم حل النزاع دون ثلاثة شروط: تنظيم استفتاء دولي برعاية الأمم المتحدة، والتوصل إلى توافق دولي بين القوى الكبرى على بنود الحل، واتفاق الأطراف المعنية مباشرة بالنزاع، أي المغرب والطرف الصحراوي والجزائر وموريتانيا، والوصول إلى تسوية تضمن مطالب هذه الأطراف.

 

الى ذلك انضمت البرتغال إلى قائمة الدول التي تدعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية تحت سيادة المملكة كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل، حيث قال وزير الخارجية البرتغالي باولو رانجيل إن الخطة لها “أساس جدي وموثوق”، في خطوة من شأنها أن تشجع دولًا أخرى على اتخاذ موقف مماثل، خاصة في ظل الشراكة المتنامية بين البلدين اللذين يستعدان لاحتضان مونديال 2030 بالشراكة مع إسبانيا، وتأثير لشبونة داخل الاتحاد الأوروبي.

ويشير هذا الدعم إلى أن عددا متزايدا من الدول بات يرى في مقترح الحكم الذاتي حلاً عملياً وواقعياً للنزاع، كما يكثف الضغوط على جبهة بوليساريو وداعمتها الجزائر للانخراط في حل سياسي واقعي يستند إلى مقترح الحكم الذاتي.

 

كما يعكس تياراً أوروبياً متنامياً يميل إلى دعم المبادرة المغربية، مما يضع ضغطاً متزايداً على الدول التي لا تزال تتبنى مواقف متحفظة أو مناوئة.

 

ويأتي هذا الموقف البرتغالي في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوقيع اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة مثل الأمن والقضاء والسياحة والبيئة، كما يقيم هذا الدعم الدليل على أهمية المغرب كشريك استراتيجي للبرتغال في المنطقة يمكن أن يكون جسراً بين أوروبا وأفريقيا، مما يعزز دوره في المشاريع الكبرى.

وأبدى رانجيل دعمه للمبادرة التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس لأول مرة بالأمم المتحدة في 2007، عقب اجتماع في لشبونة مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.

وتنص الخطة على تأسيس سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية للصحراء المغربية ينتخبها سكانها، بينما تحتفظ الرباط بالسيطرة على الدفاع والشؤون الخارجية والدينية.

 

وقال رانجيل لصحفيين في وقت لاحق “بعد التحركات التي قامت بها فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وغيرها، تعتبر البرتغال أن هذا المقترح سيكون الأساس الأكثر جدية للحل، ولكن دائما تحت رعاية الأمم المتحدة”.

كما أعرب الوزيران عن ارتياحهما لتنظيم المغرب والبرتغال، إلى جانب إسبانيا، بشكل مشترك، كأس العالم لكرة القدم 2030، مسلطين الضوء على المنافع المنتظرة من الحدث الرياضي الدولي، من حيث الرخاء والنمو المشترك، فضلا عن التقارب الثقافي بين البلدين.

كما أشادت البرتغال، باعتبارها بلدا أطلسيا، بالمبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس، لصالح القارة الإفريقية وتهدف إلى تسهيل الولوج الى الممر المائي الحيوي وحظيت بتأييد وانخراط واسعين بالنظر إلى ما تشكله من فرصة تاريخية لتحقيق نقلة تنموية واقتصادية نوعية في المنطقة، كما نوهت بمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي نيجيريا-المغرب.

وقال جوزيه توماز كاستيلو برانكو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الكاثوليكية بلشبونة إن موقف البرتغال “دبلوماسي للغاية ومعقول ويفتح الباب أمام اعتراف رسمي مستقبلي بسيادة المغرب” على صحرائه.

وأضاف “غير أن الحكومة البرتغالية تحتفظ بمساحة للمناورة لاتخاذ قرار في المستقبل، دون الالتزام كلية بأي شيء حتى الآن”، مضيفا أن موقف لشبونة يجب أن يكون دائما “مدروسا بعناية لأن المغرب أيضا جار للبرتغال”.

وخلال اجتماع رفيع المستوى في 2023، كانت الحكومة الاشتراكية البرتغالية السابقة قد أعلنت بالفعل عن وجهة نظرها بشأن اقتراح المغرب باعتباره “واقعيا وجادا وذا مصداقية”، لكن تصريحات رانجيل عززت موقف حكومة يمين الوسط الحالية.

ودعمت فرنسا وإسبانيا أيضا مقترح الحكم الذاتي، إذ وصفته مدريد رسميا في 2022 بأنه الإطار “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع.

عاجل !!