تمضي لعبة الأرقام في العراق السياسي، لا باعتبارها حسبة رياضية بقدر ما هي هندسة نوايا وتحالفات، وهو ما أعلنه النائب حسين عرب بأن الانتخابات المقبلة ستفضي إلى حكومة أغلبية، لا بالأكثرية العدديّة، بل بمن يتحالف ليحوز الأكثر عدداً، في تلميح واضح إلى أن التحالفات لا النتائج هي من تصنع الحكم، وأن “العصمة” لن تكون بيد الفائز بالمرتبة الأولى، بل بيد من يُجيد حياكة الخرائط تحت قبة البرلمان.
وأكّد عرب، بلغة السياسي العارف بما يدور خلف الستار، أن الكتلة التي تظفر بنصف مقاعد السنة أو الشيعة سيكون بيدها “مفتاح” القرار، في إشارة إلى أن لعبة الكتلة الأكبر ستدور هذه المرة بين معسكرين على المستوى الشيعي او السني، وأن من يحرز “النصف + ١” سيملك القدرة على صناعة الأغلبية أو تعطيلها، لا فرق.
وتأتي هذه التصريحات في توقيت حسّاس، إذ يشهد العراق حراكاً سياسياً متسارعاً قبيل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، وسط انبثاق تحالف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي بات يضم أسماء وازنة.
ويبدو أن التحالف، بحسب مراقبين، يراهن على كسب المستقلين والكتل الناشئة، لبناء جبهة عابرة للحزبيات، ولكن دون مغادرة “التوازن الطائفي” كشرط ضمني للشرعية.
وما بين الحسابات الباردة في بغداد، كانت حرارة الشارع في الكرخ تصنع مشهداً نادراً.
فقد تداولت وسائل الإعلام مقاطع مصورة، تظهر تظاهرات تطالب حسين عرب بالعدول عن قرار انسحابه من الانتخابات، بعدما تحوّل مكتبه إلى ما يشبه المنتدى الشعبي والمركز الخدمي، فيما المناطق الاخرى لا يزورها السياسيون إلا لماماً.
وبدت الحشود وكأنها تقول له: “عدْ، لا من أجل البرلمان، بل من أجلنا”، لتجبره الجماهيرعلى التراجع، وتستعجله توقيع ورقة العودة، حيث لم يهتم الى الان حتى برقم تسلسله الانتخابي.
وتتحدث مصادر سياسية عن اتجاه عرب لدعم تحالف السوداني، في مؤشر على أن الرجل لا يريد فقط العودة، لاجل العودة، بل لأجل التأثير