(ان تعرف شيئاً  أفضل من ان لا تعرف اي شيء ) .. اضاءة خاطفة عن أدب تشيخوف (1860- 1904) / عبد الهادي الزعر

هيئة التحرير1 يوليو 2025آخر تحديث :
(ان تعرف شيئاً  أفضل من ان لا تعرف اي شيء ) .. اضاءة خاطفة عن أدب تشيخوف (1860- 1904) / عبد الهادي الزعر

(ان تعرف شيئاً  أفضل من ان لا تعرف اي شيء ) .. اضاءة خاطفة عن أدب تشيخوف (1860- 1904)

عبد الهادي الزعر

الصدق والصراحة والاخلاص ، بصمات نابضة وجدناها نحن الأربعينين والخمسينين  فى معظم مسرحيات ومرويات العظيم تشيخوف وما عليك سوى أن تعيد قراءة : < أيفانوف \ بستان الكرز \ النورس \ الخال فانيا \ الشقيقات الثلاثة > ومن علامات صدقه أنه أنتقد الوضع الاجتماعي والسياسي وشخص سلبياته التي لاتعد ولا تحصى ! وهو على علم تام بأنه مرصود من القيصر وحاشيته -كان يدين النظام ( أدانة ضمنية ) بحس فكاهي يتراوح بين السخرية والجد ففي مسرحية (الشقيقات الثلاثة  ) ينقل المشاهد بفطنة وذكاء عالٍ من السأم والقرف والرتابة المحزنة الى أجواء اللين والانفراج ( بضربة ساردٍ ماهر ) ورغم أنه بالظاهر كان مبتسماً بشوشاً  لكن فى اعماقه المرارة كلها ! المسرح التشيخوفي تميزت سماته ب < الظلال الداكنة > ما من عمل أتمه ألا وتجد فيه خصلتان شاخصتان

— السوداوية والقلق — حتى لوكان المنجز ( مرحاً لعوباً )

فنان أصيل تنبأ بانهيار المجتمع الاقطاعي القيصري بالأخص فى  رائعته

” بستان الكرز ” وعالج الحياة الريفية الرتيبة فى الاخوات الثلاثه أما فى

– النورس – فمن خلال ذلك الطائر الجميل ركز على البساطة المصحوبة بالاصالة -فالحب فى نظره لا وجود له إن لم يمتزج باّلام المجتمع وخيباته وإنكساراته  ويجد لها حلا وإلا تتغلب الالام على الامال وتمسى البلادة والغثيان والجور والتفاهة مرتعا  -كان درامياً رائعاً كل أعماله محبوكة بعناية  ، يرسم بذكاء تام  نقده التهكمي ويدسه بهدوء بين الشكل والمحتوى بلا تصنع ولا تهويل ! يستدرج النظارة اليه بيسر وبساطة مبقياً على التوتر الدائم كخيط لا ينقطع فهذا كوستانتين فى النورس الفنان الدعىّ بعكس نينا الفنانة الاصيلة التى تثبت وجودها بصدقها ، فهو ينحدر الى الاسفل ونينا تشهق عاليا – – عالج ذاك بهدوء تام من غير تطبيل – وأذا قرأت الخال فانيا والتى قال عنها أحد النقاد المشهورين ( يستطيع تشيخوف ان يسمح لشخوصه ان يكتشفوا انفسهم بالعديد من الوسائل المتاحة ) انا كقارىء بسيط أعتبر تشيخوف وابو القاسم الشابى وأمل دنقل وحسين مردان والسياب ، شخصياتٍ نيرةٍ فضلوا الموت على الحياة بعد ان اكملوا ماعليهم بعمرٍ لم يتجاوز الخمسين ، ودعوا الدنيا وهم مطمئنون – تنويه : ( كنا فى مقتبل السبعينيات  نطير فرحاً حين نقرأ تشيخوف – تولستوى – كوخ العم توم – ذهب مع الريح – وروائع دستوفسكى السامقة بالأخص حين تمثل على خشبات مسرحنا العراقى يوم كان حياً !! اما جيل اليوم فلهم هموم اخرى ).

عاجل !!