تحت عنوان للشاعر مظفر النواب ..قمم قمم / محمد قاسم

هيئة التحرير20 مايو 2025آخر تحديث :
تحت عنوان للشاعر مظفر النواب ..قمم قمم / محمد قاسم

على الرغم من كثرة القمم العربية والتّي عقد أوّلها في القاهرة عام 1946 ، الّا أنّها ولليوم لم تستطيع أن تغيّر من الواقع العربي شيئا، بل على العكس فالدول العربية وحتى بعد انتهاء مرحلة التحرر الوطني وقيام دول ودويلات عربية، بقيت عاجزة عن بناء علاقات طبيعية بين بلدانها رغم الشراكة في اللغة والدين الذي رسم ويرسم نمط أجتماعي متشابه الى حدود بعيدة فيما بينها. أنّ غياب التغيير الأيجابي في الواقع العربي المعاصر والذي ورث كل خيبات الشعوب العربية نتيجة غياب الديموقراطية وأنعدام الحريّات وأتسّاع الفجوة بين الفقراء والأغنياء نتيجة التفاوت في توزيع الثروات، أدّت وتؤدّي الى هذا الأرتباك في العقل العربي ناهيك عن الفوضى في العلاقات العربية العربية.

 

أثناء الحرب الباردة كانت مؤتمرات القمّم العربيّة تنقسم في مواقفها الى معسكرين، أولّهما كان يقوده المال الخليجي بإتجّاه المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدّة الأمريكية، والثانية تقوده بلدان ذات أنظمة قوميّة “ثوريّة” تميل لحدود معيّنة الى المعسكر الشرقي بقيادة الأتحاد السوفيتي السابق ، وكان القاسم المشترك في جميع القمم هي القضية الفلسطينية. وهذه القضّية عانت الأمرّين من المعسكرين العربيين وتحولّت الى أداة لقمع حركة التحرر الوطني الفلسطينية نفسها من جهة، و ترسيخ سلطة الأنظمة العربية غير الديموقراطيّة من جهة أخرى. وبسبب شعارات هذه الأنظمة تخلّفت الشعوب العربية عن ركب الحضارة التي تجاوزت هذه الشعوب التي لازالت تعيش في ماضيها، في حين وصلت شعوب العالم الى الثورة الرقمية ولتصل اليوم الى مرحلة الذكاء الأصطناعي، بعد أن ساهمت الديموقراطية في تعزيز دور الفرد في تلك المجتمعات نتيجة العدالة الأجتماعية وإشاعة الحريات وتحجيم مساحة الفساد.

 

ان انعقاد هذه القمم من قبل هؤلاء الحكام المنبوذين، وما ينجم عنها من نتائج، جميعها تأتي ضمن سياسة قذرة تمارسها هذه الحكومات، سياسة تهدف، في التحليل الأخير، الى جعل المنطقة واحة آمنة ومرتعا خصبا لجني وتراكم الرأسمال- دول الخليج كمثال، أو ساحة للنزاعات والحروب – السودان وليبيا كمثال، وذلك على حساب افقار واضطهاد وتشريد وقتل جماهير العمال والكادحين.

 

بهذه الوضعية وتحت هذه الظروف، تنعقد هذه القمة التي ستتحول كحال مثيلاتها، الى اجتماع روتيني لا غير وان الجماهير المحرومة باتت تدرك سيناريو هذه القمم، فالقمم العربية وعبر التاريخ، لم تكن سوى عادة دأب الحكام العرب على ادائها وسيناريو مخطط له مسبقا، رغم انهم يعتبرونها تجمعا من أجل ” وحدة ” ما يسمى بالصف. فالقمة تبدأ، كما في كل مرة، بخطابات رنانة وبراقة تملئها العبارات مثل ” الظروف الحساسة التي تمر بها الأمة” ، ” وجوب التكاتف والتعاضد والوقوف ضد المخاطر التي تهدد أمتنا “، ” تحت قيادتكم الحكيمة والرشيدة ” ” بحكمتكم المعهودة ” ” بحنكتكم وحلمكم “، ” مصالح شعوبنا” وما الى ذلك من عبارات لا تنفع الا الناطقين بها، وتعقبها جلسة او جلستين مغلقتين، تنتهي بالجلسة الاخيرة والتي بدورها لا تخلو من خطابات لا تختلف نصوصها عن الخطاب الاول ومن ثم يظهر الامين العام للجامعة العربية ليقيم اعمال القمة باعتبارها، ناجحة طبعا، يبشر بها ” الامة العربية ” وهكذا دواليك، من دون ان تؤثر هذه القرارات لا من قريب ولا من بعيد على حياة مواطني تلك الدول ، والعمال والكادحين منهم على وجه التحديد، وهو ما يبرر اللامبالاة والاهمال وحتى السخرية والاستهزاء التي توليها هذه الجماهير لهذه القمم.

ان تعلق القادة العرب بقممهم، رغم كل عوامل الفشل التي يحملونها معهم وهم يبدؤون رحلة الحضور، لا تنم عن شيء سوى ذر الرمال في عيون جماهير هذه الدول وإلهائها عن واقعها المؤلم الذي تعيشه في ظل القمع والإرهاب والاستبداد الذي تمارسه سلطاتهم بغية الحفاظ على عروشها متناسية بأن هذه العروش ليست سوى أبراجا عاجية تسقط مع أول ظهور لشمس الحرية وبداية هبة وثورة جماهيرية منظمة تقودها الطبقة العاملة والكادحة بمؤازرة ومساندة جميع الاحرار في تلك البلدان والمنطقة والعالم .

عاجل !!