إرادة الفرد تخلق المستحيل..فكيف العجز يحكم إرادة نظام حاكم! واسط نموذجا مؤلماً /  بقلم:احسان باشي العتابي

هيئة التحرير31 مايو 2025آخر تحديث :
إرادة الفرد تخلق المستحيل..فكيف العجز يحكم إرادة نظام حاكم! واسط نموذجا مؤلماً /  بقلم:احسان باشي العتابي

منذ فجر التاريخ، وربما منذ انبثاق الحياة على كوكب الارض،كانت الإرادة البشرية حجر الأساس في كل نهضة؛ فالفرد الذي يشق طريقه نحو النجاح، رغم الصعاب والمعوقات الجمة التي تواجهه ،والتي قد يكون فيها من يبعث اليأس في النفس،يبرهن ذلك الفرد،ان العزم يتفوق على الصعاب والمعوقات ،فالإرادة التي ترفض الانكسار أمام العقبات، هي ما يكسب النجاح طعمه الحقيقي؛فلا قيمة لاي نجاح ان لم يسبق بمرارة الطريق، ولا معنى للهدف، ان لم يبلغه الساعي، وقد استنزف ما في روحه من اصرار وصبر.

ولعلنا نتذكر في هذا السياق بيت امرئ القيس حين قال:

“ان اقبلت كادت تجر بشعرة وان أدبرت كادت تقد السلاسل”لكن الواقع الحقيقي والمفترض يقتضي أن نعيد بناء العبارة بقولنا:

“ان اقبلت فمرحبا بها، وان ادبرت نقودها بسلاسل العزم.” من الواجب ان ينطبق هذا المفهوم على الافراد فضلا عن الجماعات والحكومات والدول.

وهنا تبدا الاشكالية الحقيقية والموجعة صدقا،فحين تعجز حكومة تنفيذية ما ،عن توفير ابسط مقومات الخدمة العامة – كآليات البلدية – فان الحديث عن الادارة الرشيدة يصبح ترفا لفظيا! فالحكومة التي تعجز عن تأمين شاحنة نفايات او شاحنة نقل او جرافة ترابية، هي حكومة فقدت صلتها بالواقع، وباتت عبئا على المواطن بدل ان تكون سندا له،بل عبئا على البلد برمته وليس في بقعة معينة منه فقط!

لناخذ محافظة واسط مثالا على ما تقدمنا به، محافظة غنية بمقوماتها، تزخر بالكفاءات والنخب، وتتمتع بامكانات اقتصادية تكفي – لو احسن استثمارها – لجعلها اقليما مستقلا بذاته، ومع ذلك، تعيش المحافظة اليوم بؤسا مزدوجا،بؤس الادارة المركزية التي همشتها في الكثير مما تحتاج اليه ، وبؤس الادارة المحلية ،التي عجزت عن النهوض بأبسط واجباتها في الكثير من مناطقها،ونتحدث تحديدا على مدينة الكوت مركز المحافظة،باعتبارنا احد سكنتها ،وعلى اطلاع شبه تام على ما يدور فيها.

وساستشهد بمركز بلدي منطقة “داموك” في مدينة الكوت ،كنموذج لما اشرت له من تقصير ،هذا المركز، وبحسب مسؤول تنفيذي فيه،فانه يفتقر للآليات البلدية الاساسية، في مشهد يدعو للاسى اكثر مما يدعو للغضب؛ اهكذا تدار المحافظات؟ اهكذا تبنى الثقة بين المواطن والحكومة؟ ان تلك الامور اللوجستية ان جاز التعبير، من المعيب ان نتحدث بها،في وقت ان البلدان التي تسمى -بلدان نامية- تجاوزتها منذ سنوات ،اما البلدان صاحبة الانجازات فهي تسابق الوقت، لبلوغ كل ما يجعلها في مصاف الدول العلمية؛ فيا له من بوس وشقاء يتحكم بمصائرنا؟!

ان استمرار هذا الاهمال ،لا يدل فقط على عجز اداري، بل على غياب كامل للرؤية والنية في الاصلاح، وان لم تملك الحكومة المحلية الجرأة على التغيير او الاستقالة، فعليها على الاقل ان تعترف بفشلها، وتفسح المجال لمن يملك العزم والقدرة على خدمة هذه المحافظة الكريمة.لقد آن الاوان لتكسر سلاسل الاهمال،وتقاد التنمية بسلاسل العزم، لا بسلاسل الوعود الكاذبة ،او في افضل الاحوال بعيدة المدى.

الخلاصة:بإمكان المحافظ،الذي يمثل اعلى سلطة بالمحافظة، ان يخاطب مرجعه الإداري في الحكومة المركزية بكتاب رسمي، يطالب فيه بتخصيص جزء من الواردات الحكومية بالمحافظة، وهي متعددة ،وبحسب المعلومات المتوفرة، فهي كفيلة بأن ترفد الدوائر الخدمية بما تحتاج اليه،بغية تنفيذ واجباتها المنوطة بها،كذلك يمكنه في حال عدم توفر السيولة المطلوبة لتوفير تلك الاحتياجات ،ان يبرم اتفاقا مع احدى الشركات الرصينة وفق نظام-الدفع بالاجل- ،من اجل استيراد ما تحتاج اليه الدوائر البلدية بالمحافظة؛ وبهذا يكون مصداقا لما تحدثنا به سلفا، من امتلاك الانسان للقدرة والعزيمة، على بلوغ أهدافه رغم كل المعوقات التي قد تواجهه.

عاجل !!